responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 272

مؤيدا عنده لما نطقت به الكتب المنزلة و جاء على ألسنة الرسل عليهم السلام فكان يطلقها إيمانا حاكيا من غير تحقيق لمعانيها و لا يزيد عليها و الآن يطلق في نفسه عليه تعالى ذلك علما محققا من أجل ذلك الأمر الذي تجلى له فيكون بحسب ما يعطيه ذلك الأمر و يعرف معنى ما يطلقه و ما حقيقة ذلك

[حيرة أهل اللّٰه و حيرة أهل النظر]

فيتخيل في أول تجل أنه قد بلغ المقصود و حاز الأمر و أنه ليس وراء ذلك شيء يطلب سوى دوام ذلك فيقوم له تجل آخر بحكم آخر ما هو ذلك الأول و المتجلي واحد لا يشك فيه فيكون حكمه فيه حكم الأول ثم تتوالى عليه التجليات باختلاف أحكامها فيه فيعلم عند ذلك أن الأمر ما له نهاية يوقف عندها و يعلم أن الإنية الإلهية ما أدركها و أن الهوية لا يصح أن تتجلى له و أنها روح كل تجل فيزيد حيرة لكن فيها لذة و هي أعظم من حيرة أصحاب الأفكار بما لا يتقارب فإن أصحاب الأفكار ما برحوا بأفكارهم في الأكوان فلهم أن يحاروا و يعجزوا و هؤلاء ارتفعوا عن الأكوان و ما بقي لهم شهود إلا فيه فهو مشهودهم و الأمر بهذه المثابة فكانت حيرتهم باختلاف التجليات أشد من حيرة النظار في معارضات الدلالات عليه

فقوله صلى اللّٰه عليه و سلم أو قول من يقول من هذا المقام زدني فيك تحيرا طلب لتوالي التجليات عليه فهذا الفرق بين حيرة أهل اللّٰه و حيرة أهل النظر فصاحب العقل ينشد

و في كل شيء له آية تدل على أنه واحد
و صاحب التجلي ينشد قولنا في ذلك
و في كل شيء له آية تدل على أنه عينه
فبينهما ما بين كلمتيهما

[شطحات الصوفية و موقف الفقهاء و أولى الأمر منها]

فما في الوجود إلا اللّٰه و لا يعرف اللّٰه إلا اللّٰه و من هذه الحقيقة قال من قال أنا اللّٰه كأبي يزيد و سبحاني كغيره من رجال اللّٰه المتقدمين و هي من بعض تخريجات أقوالهم رضي اللّٰه عنهم فمن وصل إلى الحيرة من الفريقين فقد وصل غير أن أصحابنا اليوم يجدون غاية الألم حيث لا يقدرون يرسلون ما ينبغي أن يرسل عليه سبحانه كما أرسلت الأنبياء عليهم السلام فما أعظم تلك التجليات و إنما منعهم أن يطلقوا عليه ما أطلقت الكتب المنزلة و الرسل عليهم السلام عدم إنصاف السامعين من الفقهاء و أولي الأمر لما يسارعون إليه في تكفير من يأتي بمثل ما جاءت به الأنبياء عليهم السلام في جنب اللّٰه و تركوا معنى قوله تعالى لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ كما قال له صلى اللّٰه عليه و سلم ربه عز و جل عند ذكره الأنبياء و الرسل عليهم السلام أُولٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّٰهُ فَبِهُدٰاهُمُ اقْتَدِهْ فأغلق الفقهاء هذا الباب من أجل المدعين الكاذبين في دعواهم و نعم ما فعلوا و ما على الصادقين في هذا من ضرر لأن الكلام و العبارة عن مثل هذا ما هو ضربة لازب و في ما ورد عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في ذلك كفاية لهم فيوردونها يستريحون إليها من تعجب و فرح و ضحك و تبشش و نزول و معية و محبة و شوق و ما أشبه ذلك مما لو انفرد بالعبارة عنه الولي كفر و ربما قتل و أكثر علماء الرسوم عدموا علم ذلك ذوقا و شربا فأنكروا مثل هذا من العارفين حسدا من عند أنفسهم إذ لو استحال إطلاق مثل هذا على اللّٰه تعالى ما أطلقه على نفسه و لا أطلقته رسله عليهم السلام عليه و منعهم الحسد أن يعلموا أن ذلك رد على كتاب اللّٰه و تحجير على رحمة اللّٰه أن تنال بعض عباد اللّٰه و أكثر العامة تابعون للفقهاء في هذا الإنكار تقليدا لهم لا بل بحمد اللّٰه أقل العامة و أما الملوك فالغالب عليهم عدم الوصول إلى مشاهدة هذه الحقائق لشغلهم بما دفعوا إليه فساعدوا علماء الرسوم فيما ذهبوا إليه إلا القليل منهم فإنهم اتهموا علماء الرسوم في ذلك لما رأوه من انكبابهم على حطام الدنيا و هم في غنى عنه و حب الجاه و الرئاسة و تمشية أغراض الملوك فيما لا يجوز و بقي العلماء بالله تحت ذل العجز و الحصر معهم كرسول كذبه قومه و ما آمن به واحد منهم و لم يزل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يحرس حتى نزل وَ اللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّٰاسِ فانظر ما يقاسيه في نفسه العالم بالله فسبحان من أعمى بصائرهم حيث أسلموا و سلموا و آمنوا بما به كفروا فالله يجعلنا ممن عرف الرجال بالحق لا ممن عرف الحق بالرجال وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب الحادي و الخمسون في معرفة رجال من أهل الورع قد تحققوا بمنزل نفس الرحمن)



يا من تحقق بالنفس إن الكلام لفي القبس

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 272
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست