responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 268



باعوا نفوسهمو لنصرة دينه و لذاك ما صحبوه بالإيثار
عنهم كنى المختار بالنفس الذي يأتيه من يمن مع الأقدار
سعد سليل عبادة فخرت به يوم السقيفة جملة الأنصار
لله آساد لكل كريهة نزلت بدين اللّٰه و الأخيار
عزوا بدين اللّٰه في إعزازهم دين الهدى بالعسكر الجرار
فيهم علا يوم القيامة مشهدي و بهم ترى يوم الورود فخاري
لو أنني صغت الكلام قلائدا في مدحهم ما كنت بالمكثار
كرش النبي و عيبة لرسوله لحقت بهم أعداؤه بتبار
رهبان ليلا يقرءون كلامه آساد غاب في الوغى بنهار
و قصة الرؤيا طويلة فاقتصرت من ذلك على ما نحتاج إليه في هذا الباب من ذكر الأنصار

[الأنصار،مع المهاجرين،عون النبي على إقامة دين اللّٰه]

ثم نرجع فنقول فما جاءت الأنصار إلا بعد أن نفس اللّٰه عن نبيه بما بشره به فلقيته الأنصار في حال اتساع و انشراح و سرور و تلقاها صلى اللّٰه عليه و سلم تلقي الغني بربه فكان معها و المهاجرين عونا على إقامة دين اللّٰه كما أمرهم اللّٰه قال اللّٰه عز و جل وَ اللّٰهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ فلله الأسماء الحسنى و لها آثار و تحكم في خلقه و هي المتوجهة من اللّٰه تعالى على إيجاد الممكنات و ما تحوي عليه من المعاني التي لا نهاية لها

[الجن،مع الإنس،خلقوا للعبادة]

و اللّٰه من حيث ذاته غني عن العالمين و إنما عرفنا اللّٰه تعالى أنه غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ ليعلمنا أنه سبحانه ما أوجدنا إلا لنا لا لنفسه و ما خلقنا لعبادته إلا ليعود ثواب ذلك العمل و فضله إلينا و لذلك ما خص بهذا الخطاب إلا الثقلين فقال تعالى وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ و لا نشك أن كل ما خلق من الملائكة و غيرهم من العالم ما خلقهم إلا مسبحين بحمده و ما خص بهذه الصفة غير الثقلين أعني صفة العبادة و هي الذلة فما خلقهم حين خلقهم إذ لا و إنما خلقهم ليذلوا و خلق ما سواهم إذ لا في أصل خلقهم فما جعل العلة في سوى الثقلين الذلة كما جعلها فينا

[الملائكة لا يعصون اللّٰه ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون]

و ذلك أنه ما تكبر أحد من خلق اللّٰه على أمر اللّٰه غير الثقلين و لا عصى اللّٰه أحد من خلق اللّٰه سوى الثقلين فأمر إبليس فعصى و نهى آدم عليه السلام أن يقرب الشجرة فكان من أمره ما قال اللّٰه لنا في كتابه وَ عَصىٰ آدَمُ رَبَّهُ و أما الملائكة فقد شهد لهم اللّٰه بأنهم لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ ردا على من تكلم بما لا ينبغي في حق الملكين ببابل من المفسرين بما لا يليق بهم و لا يعطيه ظاهر الآية لكن الإنسان يجترئ على اللّٰه تعالى فيقول فيه ما لا يليق بجلاله فكيف لا يقول في الملائكة فكما كذب الإنسان ربه في أمور فيكون هذا القائل قد كذب ربه في قوله في حق الملائكة لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ و

في صحيح الخبر عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عن اللّٰه عز و جل يقول اللّٰه عز و جل كذبني ابن آدم و لم يكن ينبغي له ذلك و شتمني ابن آدم و لم يكن ينبغي له ذلك الحديث

فلا أحد أصبر على أذى من اللّٰه كذا ورد أيضا في الخبر و هو سبحانه يرزقهم و يحسن إليهم و هم في حقه بهذه الصفة

[السبب الموجب لتكبر الثقلين دون سائر الموجودات]

فاعلم إن السبب الموجب لتكبر الثقلين دون سائر الموجودات إن سائر المخلوقات توجه على إيجادهم من الأسماء الإلهية أسماء الجبروت و الكبرياء و العظمة و القهر و العزة فخرجوا أذلاء تحت هذا القهر الإلهي و تعرف إليهم حين أوجدهم بهذه الأسماء فلم يتمكن لمن خلق بهذه المثابة أن يرفع رأسه و لا إن يجد في نفسه طعما للكبرياء على أحد من خلق اللّٰه فكيف على من خلقه و قد أشهده أنه في قبضته و تحت قهره و شهدوا كشفا نواصبهم و نواصي كل دابة بيده في القرآن العزيز مٰا مِنْ دَابَّةٍ إِلاّٰ هُوَ آخِذٌ بِنٰاصِيَتِهٰا ثم قال متمما إِنَّ رَبِّي عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ و الأخذ بالناصية عند العرب إذلال هذا هو المقرر عرفا عندنا فمن كان حاله في شهود نظره إلى ربه أخذ النواصي بيده و يرى ناصيته من جملة النواصي كيف يتصور منه عز أو كبرياء على خالقه مع هذا الكشف و أما الثقلان فخلقهم بأسماء اللطف و الحنان و الرأفة و الرحمة و التنزل الإلهي فعند ما خرجوا لم يروا عظمة و لا عزا و لا كبرياء و رأوا نفوسهم مستندة في وجودها إلى رحمة و عطف و تنزل و لم يبد اللّٰه لهم من جلاله و لا كبريائه و لا عظمته في خروجهم إلى الدنيا شيئا يشغلهم عن نفوسهم أ لا تراهم في الأخذ الذي عرض لهم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 268
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست