responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 264

قوله تعالى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ و قال عز و جل يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّٰهَ أي فيما أمركم به على لسان رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم مما قال فيه صلى اللّٰه عليه و سلم إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ و هو كل أمر جاء في كتاب اللّٰه تعالى ثم قال وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ ففصل أمر طاعة اللّٰه من طاعة رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم فلو كان يعني بذلك ما بلغ إلينا من أمر اللّٰه تعالى لم تكن ثم فائدة زائدة فلا بد أن يوليه رتبة الأمر و النهي فيأمر و ينهى فنحن مأمورون بطاعة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عن اللّٰه بأمره و قال تعالى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ و طاعتنا له فيما أمر به صلى اللّٰه عليه و سلم و نهى عنه مما لم يقل هو من عند اللّٰه فيكون قرآنا قال اللّٰه عز و جل وَ مٰا آتٰاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مٰا نَهٰاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فأضاف النهي إليه صلى اللّٰه عليه و سلم فأتى بالألف و اللام في الرسول يريد بهما التعريف و العهد أي الرسول الذي استخلفناه عنا فجعلنا له أن يأمر و ينهى زائدا على تبليغ أمرنا و نهينا إلى عبادنا ثم قال تعالى في الآية عينها وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ أي إذا ولي عليكم خليفة عن رسولي أو وليتموه من عندكم كما شرع لكم فاسمعوا له و أطيعوا و لو كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف فإن في طاعتكم إياه طاعة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و لهذا لم يستأنف في أولي الأمر أطيعوا و اكتفى بقوله أَطِيعُوا الرَّسُولَ و لم يكتف بقوله أَطِيعُوا اللّٰهَ عن قوله أَطِيعُوا الرَّسُولَ ففصل لكونه تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و استأنف القول بقوله وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ

[ليس لأولى الأمر تشريع الشرائع:إنما ذلك لرسل اللّٰه]

فهذا دليل على أنه تعالى قد شرع له صلى اللّٰه عليه و سلم أن يأمر و ينهى و ليس لأولي الأمر أن يشرعوا شريعة إنما لهم الأمر و النهي فيما هو مباح لهم و لنا فإذا أمرونا بمباح أو نهونا عن مباح و أطعناهم في ذلك أجرنا في ذلك أجر من أطاع اللّٰه فيما أوجبه عليه من أمر و نهي و هذا من كرم اللّٰه بنا و لا يشعر بذلك أهل الغفلة منا

(مسألة أخرى من هذا الباب)

[الحق لم يقيده الفوق عن التحت و لا التحت عن الفوق]

إنما أمرت الملائكة و الخلق أجمعون بالسجود و جعل معه القربة فقال وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ و

قال صلى اللّٰه عليه و سلم أقرب ما يكون العبد من اللّٰه في سجوده ليعلموا أن الحق في نسبة الفوق إليه من قوله وَ هُوَ الْقٰاهِرُ فَوْقَ عِبٰادِهِ و يَخٰافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ كنسبة التحت إليه فإن السجود طلب السفل بوجهه كما إن القيام يطلب الفوق إذا رفع وجهه بالدعاء و يديه و قد جعل اللّٰه السجود حالة القرب من اللّٰه فلم يقيده سبحانه الفوق عن التحت و لا التحت عن الفوق فإنه خالق الفوق و التحت كما لم يقيده الاستواء على العرش عن النزول إلى السماء الدنيا و لم يقيده النزول إلى السماء الدنيا عن الاستواء على العرش كما لم يقيده سبحانه الاستواء و النزول عن أن يكون معنا أينما كنا كما قال تعالى وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ بالمعنى الذي يليق به و على الوجه الذي أراده كما

قال أيضا ما وسعني أرضي و لا سمائي و وسعني قلب عبدي كما قال عنه هود عليه السلام مٰا مِنْ دَابَّةٍ إِلاّٰ هُوَ آخِذٌ بِنٰاصِيَتِهٰا و قال تعالى أيضا في حق الميت وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لٰكِنْ لاٰ تُبْصِرُونَ فنسب القرب إليه من الميت و قال أيضا عز و جل وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يعني الإنسان مع قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست