responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 259

الثقلان أيضا مخلوقين في مقامهما غير أن الثقلين لهما في علم اللّٰه مقامات معينة مقدرة عنده غيبت عنهما إليها ينتهي كل شخص منهما بانتهاء أنفاسه فأخر نفس هو مقامه المعلوم الذي بموت عليه و لهذا دعوا إلى السلوك فسلكوا علوا بإجابة الدعوة المشروعة و سفلا بإجابة الأمر الإرادي من حيث لا يعلمون إلا بعد وقوع المراد فكل شخص من الثقلين ينتهي في سلوكه إلى المقام المعلوم الذي خلق له و منهم شقي و سعيد و كل موجود سواهما فمخلوق في مقامه فلم ينزل عنه فلم يؤمر بسلوك إليه لأنه فيه من ملك و حيوان و نبات و معدن فهو سعيد عند اللّٰه لا شقاء يناله فقد دخل الثقلان في قول الملائكة وَ مٰا مِنّٰا إِلاّٰ لَهُ مَقٰامٌ مَعْلُومٌ عند اللّٰه و لا يتمكن لمخلوق من العالم أن يكون له علم بمقامه إلا بتعريف إلهي لا بكونه فيه فإن كل ما سوى اللّٰه ممكن و من شأن الممكن أن لا يقبل مقاما معينا لذاته و إنما ذلك لمرجحه بحسب ما سبق في علمه به و المعلوم هو الذي أعطاه العلم به و لا يعلم هو ما يكون عليه و هذا هو سر القدر المتحكم في الخلق إذ كان علم المرجح لا يقبل التغيير لاستحالة عدم القديم و علمه بتعيين المقامات قديم فلذلك لا ينعدم

[علم الباري بالأشياء ليس زائدا على ذاته]

و هذه المسألة من أغمض المسائل العقلية و مما يدلك على إن علمه سبحانه بالأشياء ليس زائدا على ذاته بل ذاته هي المتعلقة من كونها علما بالمعلومات على ما هي المعلومات عليه خلافا لبعض النظار فإن ذلك يؤدي إلى نقص الذات عن درجة الكمال و يؤدي إلى أن تكون الذات قد حكم عليها أمر زائد أوجب لها ذلك الزائد حكما يقتضيه و يبطل كون الذات تفعل ما تشاء و تختار لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فتحقق هذه المسألة و تفرغ إليها فإنها غامضة جدا في مسائل الحيرة لا يهتدي إليها عقل على الحقيقة من حيث فكره بل بكشف إلهي نبوي

[التفاضل بين بني آدم و بين الملائكة]

ثم نرجع و نقول إن جماعة من أصحابنا غلطت في هذه المسألة لعدم الكشف فقالت بطريق القوة و لفكر الفاسد إن الكامل من بنى آدم أفضل من الملائكة عند اللّٰه مطلقا و لم تقيد صنفا و لا مرتبة من المراتب التي تقع عليها الفضلية لمن هو فيها على غيره ثم عللت فقالت إن لبني آدم الترقي مع الأنفاس و ليس للملائكة هذا فإنها خلقت في مقامها و ما علمت الجماعة القائلة بهذا هذه الحقيقة التي نبهنا عليها و الصحيح الترقي أن لنا و للملائكة و لغيرهم و هو لازم للكل دنيا و برزخا و آخره هذا لكل متصف بالموت في العلم أ لا ترى الملائكة مع كونها لها مقامات معلومة لا تتعداها و ما حرمت مزيد العلم فإن اللّٰه قد عرفنا أنه علمهم الأسماء على لسان آدم عليه السلام فزادهم علما إلهيا لم يكن عندهم بالأسماء الإلهية فسبحوه و قدسوه بها فساوتنا الملائكة في الترقي بالعلم لا بالعمل كما لا نترقى نحن بأعمال الآخرة لزوال التكليف فنحن و إياهم على السواء في ذلك في الآخرة فما ارتقينا نحن في الدنيا إلى المقام الذي قبضنا عليه و هو المقام الذي خلق فيه غيرنا ابتداء لشرفنا على غيرنا و إنما كان ذلك ليبلونا لا غير فلم يفهم القائلون بذلك ما أراده اللّٰه مع وجود النصوص في القرآن مثل قوله لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً و لا يقال كونهم خلقوا على الصورة أدى إلى ذلك الابتلاء فإن الجان شاركونا في هذه المرتبة و ليس لهم حظ في الصورة فاعلم و اللّٰه الموفق

(وصل سر إلهي) [افتقار العالم إلى اللّٰه و غنى اللّٰه عن العالم]

نهاية الدائرة مجاورة لبدايتها و هي تطلب النقطة لذاتها و النقطة لا تطلبها فصح نهاية أهل الترقي من العالم و صح افتقار العالم إلى اللّٰه و غنى اللّٰه عن العالم و تبين أنه كل جزء من العالم يمكن أن يكون سببا في وجود عالم آخر مثله لا أكمل منه إلى ما لا يتناهى فإن محيط الدائرة نقط متجاورة في أحياز متجاورة ليس بين حيزين حيز ثالث و لا بين النقطتين المفروضتين أو الموجودتين فيهما نقطة ثالثة لأنه لا حيز بينهما فكل نقطة يمكن أن يكون عنها محيط و ذلك المحيط الآخر حكمه حكم المحيط الأول إلى ما لا نهاية له

[النهاية في العالم حاصلة لا الغاية منه]

و النهاية في العالم حاصلة و الغاية من العالم غير حاصلة فلا تزال الآخرة دائمة التكوين عن العالم فإنهم يقولون في الجنان للشيء يريدونه كن فيكون فلا يتوهمون أمرا ما و لا يخطر لهم خاطر في تكوين أمر ما إلا و يتكون بين أيديهم و كذلك أهل النار لا يخطر لهم خاطر خوف من عذاب أكبر مما هم فيه إلا تكون فيهم أو لهم ذلك العذاب و هو عين حصول الخاطر فإن الدار الآخرة تقتضي تكوين العالم عن العالم لكن حسا و بمجرد حصول الخاطر و الهم و الإرادة و التمني و الشهوة كل ذلك محسوس و ليس ذلك في الدنيا أعني من الفعل بالهمة لكل أحد و قد كان ذلك في الدنيا لغير الولي كصاحب العين و الغرانية بإفريقية و لكن ما يكون بسرعة تكوين الشيء بالهمة في الدار الآخرة و هذا في الدار الدنيا نادر شاذ كقضيب البان و غيره و هو في الدار الآخرة للجميع

[ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم]

فصدق قول الإمام أبي حامد ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه ليس أكمل من الصورة التي خلق عليها الإنسان

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست