responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 257

و جهرا ليجمع له فيها بين الذكرين ذكر السر و هو الذكر في نفسه و ذكر العلانية و هو الذكر في الملإ العبد في صلاته يذكر اللّٰه في ملأ الملائكة و من حضر من الموجودات السامعين و هو ما يجهر به من القراءة في الصلاة

قال اللّٰه تعالى في الخبر الثابت عنه إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي و إن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه قد يريد بذلك الملائكة المقربين الكروبيين خاصة الذين اختصهم لحضرته فلهذا الفضل شرع لهم في الصلاة الجهر بالقراءة و السر فكل عبد صلى و لم تزل عنه صلاته كل شيء دونها فما صلى و ما هي نور في حقه و كل من أسر القراءة في نفسه و لم يشاهد ذكر اللّٰه له في نفسه فما أسر فإنه و إن أسر في الظاهر و أحضر في نفسه ما أحضره من الأكوان من أهل و ولد و أصحاب من عالم الدنيا و عالم الآخرة و أحضر الملائكة في خاطره فما أسر في قراءته و لا كان ممن ذكر اللّٰه في نفسه لعدم المناسبة فإن اللّٰه إذا ذكر العبد في نفسه لم يطلع أحد من المخلوقين على ما في نفس الباري من ذكره عبده كذلك ينبغي أن يكون العبد فيما أسره فإنه ما يناجي في صلاته إلا ربه في حال قراءته و تسبيحاته و دعائه و كذلك إذا ذكره في ملأ في ظاهره و في باطنه فأما في ظاهره فبين و أما في باطنه فما يحضر معه في نفسه من المخلوقين و هو ما يجهر به من القراءة في الصلاة و التسبيحات و الدعاء

[نسبة النورية في الصلاة و مقامات المقربين]

ثم إنه ليس في العبادات ما يلحق العبد بمقامات المقربين و هو أعلى مقام أولياء اللّٰه من ملك و رسول و نبي و ولي و مؤمن إلا الصلاة قال تعالى وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ فإن اللّٰه في هذه الحالة يباهي به المقربين من ملائكته و ذلك أنه يقول لهم يا ملائكتي أنا قربتكم ابتداء و جعلتكم من خواص ملائكتي و هذا عبدي جعلت بينه و بين مقام القربة حجبا كثيرة و موانع عظيمة من أغراض نفسية و شهوات حسية و تدبير أهل و مال و ولد و خدم و أصحاب و أهوال عظام فقطع كل ذلك و جاهد حتى سجد و اقترب فكان من المقربين فانظروا ما خصصتكم به يا ملائكتي من شرف المقام حيث ما ابتليتكم بهذه الموانع و لا كلفتكم مشاقها فاعرفوا قدر هذا العبد و راعوا له حق ما قاساه في طريقه من أجلي فيقول الملائكة يا ربنا لو كنا ممن يتنعم بالجنان و تكون محلا لإقامتنا أ لست كنت تعين لنا فيه منازل تقتضيها أعمالنا ربنا نحن نسألك أن تهبها لهذا العبد فيعطيه اللّٰه ما سألته فيه الملائكة فانظروا ما أشرف الصلاة و أفضل ما فيها ذكر اللّٰه من الأقوال و السجود من الأفعال و من أقوالها سمع اللّٰه لمن حمده فإنه من أفضل أحوال العبد في الصلاة للنيابة عن الحق

فإن اللّٰه قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده يقول تعالى إِنَّ الصَّلاٰةَ تَنْهىٰ عَنِ الْفَحْشٰاءِ وَ الْمُنْكَرِ الظاهر للتحريم و التحليل الذي فيها وَ لَذِكْرُ اللّٰهِ أَكْبَرُ يعني فيها من أفعالها

[ذكر اللّٰه بالأذكار الواردة في القرآن]

و ينبغي للمحقق أنه لا يذكر اللّٰه إلا بالأذكار الواردة في القرآن حتى يكون في ذكره تاليا فيجمع بين الذكر و التلاوة معا في لفظ واحد فيحصل على أجر التالين و الذاكرين أعني الفضيلة فيكون فتحه في ذلك من ذلك القبيل و علمه و سره و حاله و مقامه و منزله و إذا ذكره من غير أن يقصد الذكر الوارد في القرآن فهو ذاكر لا غير فينقصه من الفضيلة على قدر ما نقصه من القصد و لو كان ذلك الذكر من القرآن غير أنه لم يقصده و

قد ثبت أن الأعمال بالنيات و إنما لامرئ ما نوى فينبغي لك إذا قلت لا إله إلا اللّٰه أن تقصد بذلك التهليل الوارد في القرآن مثل قوله تعالى فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاَّ اللّٰهُ و كذلك التسبيح و التكبير و التحميد و أنت تعلم أن أنفاس الإنسان نفيسة و النفس إذا مضى لا يعود فينبغي لك أن تخرجه في الأنفس و الأعز فهذا قد نبهتك على نسبة النورية من الصلاة

[يسر اقتران البرهان بالصدقة،و الضياء بالصبر]

و أما اقتران البرهان بالصدقة فهو إن اللّٰه تعالى جبل الإنسان على الشح و قال إِنَّ الْإِنْسٰانَ خُلِقَ هَلُوعاً يعني في أصل نشأته إِذٰا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَ إِذٰا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً و قال وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فنسب الشح لنفس الإنسان و أصل ذلك إنه استفاد وجوده من اللّٰه ففطر على الاستفادة لا على الإفادة فما تعطي حقيقته أن يتصدق فإذا تصدق كانت صدقته برهانا على أنه قد وقى شح نفسه الذي جبله اللّٰه عليه فلذلك قال الصدقة برهان و لما كانت الشمس ضياء يكشف به كل ما تنبسط عليه لمن كان له بصر فإن الكشف إنما يكون بضياء النور لا بالنور فإن النور ما له سوى تنفير الظلمة و بالضياء يقع الكشف و إن النور حجاب كما هي الظلمة حجاب

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في حق ربه تعالى حجابه النور و

قال إن لله سبعين حجابا من نور و ظلمة أو سبعين ألفا و

قيل له صلى اللّٰه عليه و سلم أ رأيت ربك فقال صلى اللّٰه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست