responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 249

شعورا خفيا فإنه لا بد لهذا أن يصغي إليه أي إلى ذلك الوارد حتى يأخذ عنه ما جاءه به من عند الحق فحاله كحال جليسك الذي يكون معك في حديث فيأتي شخص آخر في أمر من عند الملك إليه فيترك الحديث معك و يصغي إلى ما يقول له ذلك الشخص فإذا أوصل إليه ما عنده رجع إليك فحادثك فلو لم تبصره عينك و رأيته يصغي إلى أمر شعرت أن ثم أمرا شغله عنك في ذلك كرجل يحدثك فأخذته فكرة في أمر فصرف حسه إليه في خياله فجمدت عينه و نظره و أنت تحدثه فتنظر إليه غير قابل حديثك فتشعر أن باطنه متفكر في أمر آخر خلاف ما أنت عليه و منهم من تكون قوته أقوى من الوارد فإذا أتاه الوارد و هو معك في حديث لم تشعر به و هو يأخذ من الوارد ما يلقى إليه و يأخذ عنك ما تحدثه به أو يحدثك به و ما ثم أمر رابع في واردات الحق على قلوب أهل هذه الطريقة و هي مسألة غلط فيها بعض أهل الطريق في الفرق بين النبي و الولي فقالوا الأنبياء يصرفون الأحوال و الأولياء تصرفهم الأحوال فالأنبياء مالكون أحوالهم و الأولياء مملوكون لأحوالهم و الأمر إنما هو كما فصلناه لك و قد بينا لك لما ذا يرد الرسول و يحفظ عليه عقله مع كونه يؤخذ و لا بد عن حسه في وقت وارد الحق على قلبه بالوحي المنزل فافهم ذلك و تحققه

[من نوادر عقلاء المجانين]

و قد لقينا جماعة منهم و عاشرناهم و اقتبسنا من فوائدهم و لقد كنت واقفا على واحد منهم و الناس قد اجتمعوا عليه و هو ينظر إليهم و هو يقول لهم أطيعوا اللّٰه يا مساكين فإنكم من طين خلقتم و أخاف عليكم أن تطبخ النار هذه الأواني فتردها فخارا فهل رأيتم قط آنية من طين تكون فخارا من غير أن تطبخها نار يا مساكين لا يغرنكم إبليس بكونه يدخل النار معكم و تقولون اللّٰه يقول لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ إبليس خلقه اللّٰه من نار فهو يرجع إلى أصله و أنتم من طين تتحكم النار في مفاصلكم يا مساكين انظروا إلى إشارة الحق في خطابه لإبليس بقوله لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ و هنا قف و لا تقرأ ما بعدها فقال له جهنم منك و هو قوله خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مٰارِجٍ مِنْ نٰارٍ فمن دخل بيته و جاء إلى داره و اجتمع بأهله ما هو مثل الغريب الوارد عليه فهو رجع إلى ما به افتخر قٰالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نٰارٍ فسروره رجوعه إلى أصله و أنتم يا مناحيس تتفخر بالنار طينتكم فلا تسمعوا من إبليس و لا تطيعوا و اهربوا إلى محل النور تسعدوا يا مساكين أنتم عمي ما تبصرون الذي أبصره أنا تقولون سقف هذا المسجد ما يمسكه إلا هذه الأسطوانات أنتم تبصرونها أسطوانات من رخام و أنا أبصرها رجالا يذكرون اللّٰه و يمجدونه بالرجال تقوم السموات فكيف هذا المسجد ما أدري إما أنا هو الأعمى لا أبصر الأسطوانات حجارة و إما أنتم هم العمي لا تبصرون هذه الأسطوانات رجالا و اللّٰه يا إخوتي ما أدري لا و اللّٰه أنتم هم العمي ثم استشهدني دون الجماعة فقال يا شاب أ لست أقول الحق قلت بلى ثم جلست إلى جانبه فجعل يضحك و قال يا ناس الأستاه المنتنة تصفر بعضها لبعض و هذا الشاب منتن مثلي هذه المناسبة جعلته يجلس إلى جانبي و يصدقني أنتم الساعة تحسبونه عاقلا و أنا مجنون هو أجن مني بكثير و إنما أنتم كما أعماكم اللّٰه عن رؤية هذه الأسطوانات رجالا أعماكم أيضا عن جنون هذا الشاب ثم أخذ بيدي و قال قم امش بنا عن هؤلاء فخرجت معه فلما فارق الناس ترك يدي من يده و انصرف عني و هو من أكبر من لقيته من المعتوهين كنت إذا سألته ما الذي ذهب بعقلك يقول لي أنت هو المجنون حقا و لو كان لي عقل كنت تقول لي ما الذي ذهب بعقلك أين عقلي حتى يخاطبك قد أخذه معه ما أدري ما يفعل به و تركني هنا في جملة الدواب آكل و أشرب و هو يدبرني قلت له فمن يركبك إذا كنت دابة قال أنا دابة وحشية لا أركب ففهمت أنه يريد خروجه عن عالم الإنس و أنه في مفاوز المعرفة فلا حكم للانس عليه و كذلك كان محفوظا من أذى الصبيان و غيرهم كثير السكوت مبهوتا دائم الاعتبار يلازم المسجد و يصلي في أوقات فربما كنت أسأله عند ما أراه يصلي أقول له أراك تصلي يقول لي لا و اللّٰه إنما أراه يقيمني و يقعدني ما أدري ما يريد بي أقول له فهل تنوي في صلاتك هذه أداء ما افترض اللّٰه عليك فيقول لي أي شيء تكون النية أقول له القصد بهذه الأعمال القربة إليه فيضحك و يقول أنا أقول له أراه يقيمني و يقعدني فكيف أنوي القربة إلى من هو معي و أنا أشهده و لا يغيب عني هذا كلام المجانين ما عندكم عقول

[ألوان من مجانين الحق]

ثم لتعلم إن هؤلاء البهاليل كبهلول و سعدون من المتقدمين و أبي وهب الفاضل و أمثالهم منهم المسرور و منهم المحزون و هم في ذلك بحسب الوارد الأول الذي ذهب بعقولهم فإن كان وارد قهر قبضهم كيعقوب

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست