responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 247

تعظيم اللّٰه و نسبوا ذلك إلى اللّٰه فأثنت عليهم الملائكة فإنها مع هذه الحال لم تجرح الملائكة و تأدبت معها حيث لم تتعرض للطعن عليها بما صدر منها في حق أبيها آدم عليه السلام و اعتذرت عن الملائكة لإيثارهم جناب الحق و إصابتهم العلم فإنه وقع ما قالوه في بنى آدم لا شك من الفساد و سفك الدماء و لهذا سر معلوم و أما ثناء الأنبياء و الرسل عليهم السلام فلكونهم سلموا لهم ما ادعوه أنه لهم من النبوة و الرسالة و آمنوا بهم و ما توقفوا مع كونهم على أحوالهم من أجزاء النبوة قد اتصفوا بها و لكن مع هذا لم يتسموا بأنبياء و لا برسل و أخلصوا في اتباع آثارهم قدما بقدم كما روى عن الإمام أحمد بن حنبل المتبع المقتدى سيد وقته في تركه أكل لبطيخ لأنه ما ثبت عنده كيف كان يأكله رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فدل ذلك على قوة تباعه كيفيات أحوال الرسول صلى اللّٰه عليه و سلم في حركاته و سكناته و جميع أفعاله و أحواله و إنما عرف هذا منه لأنه كان في مقام الوراثة في التبليغ و الإرشاد بالقول و العمل و الحال لأن ذلك أمكن في نفس السامع فهو و أمثاله حفاظ الشريعة على هذه الأمة و أما ثناء الحيوان و النبات و الجماد عليهم فإن هؤلاء الأصناف عرفوا الحركات التي تسمى عبثا من التي لا تسمى عبثا فكل من تحرك فيهم بحركة تكون عبثا عند المتحرك بها لا عند المحرك يعلم الناظر منهم المشاهد لتلك الحركة البعثية أنه صاحب غفلة عن اللّٰه و رأت هذه الطائفة أنها لا تتحرك في حيوان و لا نبات و لا جماد بحركة تكون عبثا و يلحق بهذا الباب صيد الملوك و من لا حاجة له بذلك إلا للفرجة و اللهو و اللعب فأثنى من ذكرناه من هؤلاء الأصناف على هذه الطائفة

[كل شيء حي يسبح بحمد ربه]

فالله يقول وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كٰانَ حَلِيماً بإمهالكم حيث لم يؤاخذكم سريعا بما رددتم من ذلك غَفُوراً حيث ستر عنكم تسبيح هؤلاء فلم تفقهوه و قال تعالى في حال من مات ممقوتا عند اللّٰه فَمٰا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمٰاءُ وَ الْأَرْضُ فوصف السماء و الأرض بالبكاء على أهل اللّٰه و لا يشك مؤمن في كل شيء أنه مسبح و كل مسبح حي عقلا و

ورد أن العصفور يأتي يوم القيامة فيقول يا رب سل هذا لم قتلني عبثا و كذلك من يقطع شجرة لغير منفعة أو ينقل حجرا لغير فائدة تعود على أحد من خلق اللّٰه فلما أعطى اللّٰه هذه المعارف لهؤلاء الأصناف لذلك وصفتها بالثناء على هؤلاء الرجال و عرفت ذلك منهم كشفا حسيا مثل ما كان للصحابة سماع تسبيح الحصى و تسبيح الطعام لأنهم ليس بينهم و بين الحركة العبثية دخول بل يجتنبون ذلك جملة واحدة و لما جهل أكثر الثقلين هذه العلوم لذلك لا يعرفون مراتب هؤلاء الرجال فلا يمدحونهم و لا يتعرضون إليهم و لهذا أخبر تعالى أن كل شيء في العالم يسجد لله تعالى من غير تبعيض إلا الناس فقال أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّٰهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبٰالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ و لم يبعض وَ كَثِيرٌ مِنَ النّٰاسِ فبعض فإن فهمت ما ذكرناه لك من صفة أصحاب هذا المقام و سلكت طريقهم كنت من المفلحين الفائزين وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء الثالث و العشرون

(الباب الرابع و الأربعون في البهاليل و أئمتهم في البهللة)

(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

إذا كنت في طاعة راغبا فلا تكسها حلة الآجل
و كن كالبهاليل في حالهم مع الوقت يجرون كالعاقل
و حوصل من السنبل الحاصل و لا تصبرن إلى قابل
فحوصلة الرزق قد هيئت ليحصل ما ليس بالحاصل
و لا تبكين على فائت يفتك الذي هو في العاجل
و سوف فلا تلتفت حكمها و لا السين و أرحل مع الراحل
عساك إذا كنت ذا عزمة و مت حصلت على طائل
و قل للذي لم يزل وانيا تخبطت في شرك الحابل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست