responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 241

الكشف بالليل كما لصاحب النور فالليل و الصباح عنده سواء فهذا معنى قوله أَ فَلاٰ تَعْقِلُونَ فإن ادعت لك نفسك أنك من أهل الليل فانظر هل لها قدم و كشف فيما ذكرت لك فهو المحك و المعيار و لكل ليل في القرآن أمور و علوم لا يعرفها إلا أهل الليل خاصة وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب الثاني و الأربعون في معرفة الفتوة و الفتيان و منازلهم و طبقاتهم و أسرار أقطابهم)



و فتيان صدق لا ملالة عندهم لهم قدم في كل فضل و مكرمة
مقسمة أحوالهم في جليسهم فهم بين توقير لقوم و مرحمه
و إن جاء كفؤ آثروه ببرهم و لا تلحق الفتيان في ذاك مندمة
لهم من خفايا العلم كل شعيرة و ما هو موسوم لديهم بسمسمه
كنجل قسي و الذي كان قبله و من كان منهم ممن اللّٰه أعلمه
بذلك حاز و السبق في كل حلبة فليس يجيبون السفيه بلفظ مه
بميمنة خصوا تعالى مقامها و ليس لها ضد يسمى بمشأمة
فكلتا يدي ربي يمين كريمة و إن كريم القوم من كان أكرمه
إذا خلع الولي على أهله ترى ملابسهم بين الملابس معلمه

[الفتوة مقام القوة]

اعلم أن للفتوة مقام القوة و ما خلق اللّٰه من الطبيعة أقوى من الهواء و خلق الإنسان أقوى من الهواء إذا كان مؤمنا كذا

ورد في الخبر النبوي عن اللّٰه تعالى مع الملائكة لما خلق الأرض و جعلت تميد الحديث بكماله و في آخره يا رب فهل خلقت شيئا أشد من الريح قال نعم المؤمن يتصدق بيمينه ما تعرف بذلك شماله و قال تعالى إِنَّ اللّٰهَ هُوَ الرَّزّٰاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ فنعت الرزاق بالقوة لوجود الكفران بالمنعم من المرزوقين فهو يرزقهم مع كفرهم به و لا يمنع عنهم الرزق و الإنعام و الإحسان بكفرهم مع أن الكفر بالنعم سبب مانع يمنع النعمة فلا يرزق الكافر مع وجود الكفر منه لما رزقه إلا من له القوة فلهذا نعته بذي القوة المتين فإن المتانة في القوة تضاعفها فما اكتفى سبحانه بالقوة حتى وصف نفسه بأنه المتين فيها إذ كانت لقوة لها طبقات في التمكن من القوي فوصف نفسه بالمتانة و هذه صفة أهل الفتوة فإن الفتوة ليس فيها شيء من الضعف إذ هي حالة بين الطفولة و الكهولة و هو عمر الإنسان من زمان بلوغه إلى تمام الأربعين من ولادته يقول اللّٰه تعالى في هذا المقام اَللّٰهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً و ذلك حال الفتوة و فيها يسمى فتى و ما قرن معها شيئا من الضعف ثم قال سبحانه و تعالى ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَ شَيْبَةً يعني ضعف الكهولة إلى آخر العمر و شيبة يعني وقارا أي سكونا لضعفه عن الحركة فإن الوقار من الوقر و هو الثقل فقرن مع هذا الضعف الثاني الشيبة التي هي الوقار فإن الطفل و إن كان ضعيفا فإنه متحرك جدا و اختلف في حركته هل هي من الطبيعة أو من الروح

روى أن إبراهيم عليه السلام لما رأى الشيب قال يا رب ما هذا قال الوقار قال اللهم زدني وقارا فهذا حال الفتوة و مقامها و أصحابها يسمون الفتيان و هم الذين حازوا مكارم الأخلاق أجمعها و لا يتمكن لأحد أن يكون حاله مكارم الأخلاق ما لم يعلم المحال التي يصرفها فيها و يظهر بها فالفتيان أهل علم وافر و قد أفردنا لها بابا في داخل هذا الكتاب حين تكلمنا على المقامات و الأحوال فمن ادعى الفتوة و ليس عنده علم بما ذكرناه فدعواه كاذبة و هو سريع الفضيحة فلا ينبغي يسمى فتى إلا من علم مقادير الأكوان و مقدار الحضرة الإلهية فيعامل كل موجود على قدره من المعاملة و يقدم من ينبغي أن يقدم و يؤخر ما ينبغي أن يؤخر

[الأصل الذي ينبغي أن يعول عليه في الفتوة]

و تفاصيل هذا المقام و حكم الطائفة فيه استوفيناه في رسالة الأخلاق التي كتبنا بها للفخر محمد بن عمر بن خطيب الري رحمه اللّٰه فلنذكر منها في هذا الباب الأصل الذي ينبغي أن يعول عليه و ذلك أنه ليس في وسع الإنسان أن يسع العالم بمكارم أخلاقه إذ كان العالم كله واقفا مع غرضه أو إرادته لا مع ما ينبغي فلما اختلفت الأغراض و الإرادات و طلب كل صاحب غرض أو إرادة من الفتى أن يعامله بحسب غرضه و إرادته و الأغراض متضادة فيكون غرض زيد في عمر و أن يعادي خالدا و يكون غرض خالد في زيد أن يعادي عمرا أو غرضه أن يواليه و يحبه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست