responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 235

أنها تسعى يقول له فلا تخف إذا رأيت ذلك منهم يقوى جأشه فلما وقع من السحرة ما وقع مما ذكر اللّٰه لنا في كتابه و امتلأ الوادي من حبالهم و عصيهم و رآها موسى فيما خيل له حيات تسعى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسىٰ فلم يكن نسبة الخوف إليه في هذا الوقت نسبة الخوف الأول فإن الخوف الأول كان من الحية ف‌ وَلّٰى مُدْبِراً وَ لَمْ يُعَقِّبْ حتى أخبره اللّٰه تعالى و كان هذا الخوف الآخر الذي ظهر منه للسحرة على الحاضرين لئلا تظهر عليه السحرة بالحجة فيلتبس الأمر على الناس و لهذا قال اللّٰه له لاٰ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلىٰ و لما ظهر للسحرة خوف موسى مما رآه و ما علموا متعلق هذا الخوف أي شيء هو علموا أنه ليس عند موسى من علم السحر شيء فإن الساحر لا يخاف مما يفعله لعلمه أنه لا حقيقة له من خارج و أنه ليس كما يظهر لا عين الناظرين فأمر اللّٰه موسى أن يلقي عصاه و أخبر أنها تَلْقَفْ مٰا صَنَعُوا فلما ألقى موسى عصاه فكانت حية علمت السحرة بأجمعها مما علمت من خوف موسى أنه لو كان ذلك منه و كان ساحرا ما خاف و رأوا عصاه حية حقيقة علموا عند ذلك أنه أمر غيب من اللّٰه الذي يدعوهم إلى الايمان به و ما عنده من علم السحر خبر فتلقفت تلك الحية جميع ما كان في الوادي من الحبال و العصي أي تلقفت صور الحيات منها فبدت حبالا و عصيا كما هي و أخذ اللّٰه بأبصارهم عن ذلك فإن اللّٰه يقول تَلْقَفْ مٰا صَنَعُوا و ما صنعوا الحبال و لا العصي و إنما صنعوا في أعين الناظرين صور الحيات و هي التي تلقفت عصا موسى فتنبه لما ذكرت لك فإن المفسرين ذهلوا عن هذا الإدراك في أخبار اللّٰه تعالى فإنه ما قال تلقف حبالهم و عصيهم فكانت الآية عند السحرة خوف موسى و أخذ صور الحيات من الحبال و العصي و علموا إن الذي جاء به موسى من عند اللّٰه فآمنوا بما جاء به موسى عن آخرهم و خروا سجدا عند هذه الآية و قٰالُوا آمَنّٰا بِرَبِّ الْعٰالَمِينَ رَبِّ مُوسىٰ وَ هٰارُونَ حتى يرتفع الالتباس فإنهم لو وقفوا على العالمين لقال فرعون أنا رب العالمين إياي عنوا فزادوا رب موسى و هارون أي الذي يدعو إليه موسى و هارون فارتفع الإشكال فتوعدهم فرعون بالعذاب فآثروا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة و كان من كلامهم ما قص اللّٰه علينا و أما العامة فنسبوا ما جاء به موسى إلى أنه من قبيل ما جاءت به السحرة إلا أنه أقوى منهم و أعلم بالسحر بالتلقف الذي ظهر من حية عصا موسى عليه السلام فقالوا هذا سحر عظيم و لم تكن آية موسى عند السحرة إلا خوفه و أخذ صور الحيات من الحبال و العصي خاصة فمثل هذا خارج عن قوة النفس و عن خواص الأسماء لوجود الخوف الذي ظهر من موسى في أول مرة فكان الفعل من اللّٰه و لما واقع السحرة اللبس على أعين الناظرين بتصيير الحبال و العصي حيات في نظرهم أراد الحق أن يأتيهم من بابهم الذي يعرفونه كما قال تعالى وَ لَلَبَسْنٰا عَلَيْهِمْ مٰا يَلْبِسُونَ فإن اللّٰه يراعي في الأمور المناسبات فجعل العصا حية كحيات عصيهم في عموم الناس و لبس على السحرة بما أظهر من خوف موسى فتخيلوا أنه خاف من الحيات و كان موسى في نفس الأمر غير خائف من الحيات لما تقدم له في ذلك من اللّٰه في الفعل الأول حين قال له خُذْهٰا وَ لاٰ تَخَفْ فنهاه عن الخوف منها و أعلمه أن ذلك آية له فكان خوفه الثاني على الناس لئلا يلتبس عليهم الدليل و الشبهة و السحرة تظن أنه خاف من الحيات فلبس اللّٰه عليهم خوفه كما لبسوا على الناس و هذا غاية الاستقصاء الإلهي في المناسبات في هذا الموطن لأن السحرة لو علمت إن خوف موسى من الغلبة بالحجة لما سارعت إلى الايمان ثم إنه كان لحية موسى التلقف و لم يكن لحياتهم تلقف و لا أثر لأنها حبال و عصى في نفس الأمر

[المعجزات و انقلاب الأعيان]

فهذا المنزل الذي ذكرناه في هذا الباب أنه مجاور لعلم جزئي من علوم الكون هو هذا العلم الجزئي علم المعجزات لأنه ليس عن قوة نفسية و لا عن خواص أسماء فإن موسى عليه السلام لو كان انفعال العصا حية عن قوة وهمية أو عن أسماء أعطيها ما ولى مدبرا و لم يعقب خوفا فعلمنا أن ثم أمورا تختص بجانب الحق في علمه لا يعرفها من ظهرت على يده تلك الصورة فهذا المنزل مجاور لما جاءت به الأنبياء من كونه ليس عن حيلة و لم يكن مثل معجزات الأنبياء عليهم السلام لأن الأنبياء لا علم لهم بذلك و هؤلاء ظهر ذلك عنهم بهمتهم أو قوة نفسهم أو صدقهم قل كيف شئت فلهذا اختصت باسم الكرامات و لم تسم معجزات و لا سميت سحرا فإن المعجزة ما يعجز الخلق عن الإتيان بمثلها إما صرفا و إما أن تكون ليست من مقدورات البشر العدم قوة النفس و خواص الأسماء و تظهر على أيديهم و إن السحر هو الذي يظهر فيه وجه إلى الحق و هو في نفس الأمر ليس حقا مشتق من السحر الزماني

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست