responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 228

أمور مناسبة للسورة التي يريد معارضتها بأمور تناسبها في الألفاظ مما لم يقع و لا كانت فهي باطل و الباطل عدم و العدم لا يقاوم الوجود و القرآن إخبار عن أمر وجودي حق في نفس الأمر فلا بد أن يعجز المعارض عن الإتيان بمثله فمن التزم الحق في أفعاله و أقواله و أحواله فقد امتاز عن أهل زمانه و عن كل من لم يسلك مسلكه فأعجز من أراد التصور على مقامه من غير حق*

[أبو عبد اللّٰه الغزال و شيخه ابن العريف]

و من أسرارهم أيضا علم الطبائع و تأليفها و تحليلها و منافع العقاقير يعلم ذلك منها كشفا خرج شيخنا أبو عبد اللّٰه الغزال كان بالمرية رحمه اللّٰه في حال سلوكه من مجلس شيخه أبي العباس بن العريف و كان ابن العريف أديب زمانه فهو بالأحرش بطريق الصماد حية إذ رأى أعشاب ذلك المرج كلها تخاطبه بمنافعها فتقول له الشجرة أو النجم خذني فإني أنفع لكذا و أدفع من المضار كذا حتى ذهل و بقي حائرا من نداء كل شجرة منها تحببا له و تقربا منه فرجع إلى الشيخ و عرفه بذلك فقال له الشيخ ما لهذا خدمتنا أين كان منك الضار النافع حين قالت لك الأشجار إنها نافعة ضارة فقال يا سيدي التوبة قال له الشيخ إن اللّٰه فتنك و اختبرك فإني ما دللتك إلا على اللّٰه لا على غيره فمن صدق توبتك أن ترجع إلى ذلك الموضع فلا تكلمك تلك الأشجار التي كلمتك إن كنت صادقا في توبتك فرجع أبو عبد اللّٰه الغزال إلى الموضع فما سمع شيئا مما كان قد سمعه فسجد لله شكرا و رجع إلى الشيخ فعرفه فقال الشيخ الحمد لله الذي اختارك لنفسه و لم يدفعك إلى كون مثلك من أكوانه تشرف به و هو على الحقيقة يشرف بك فانظر همته رضي اللّٰه عنه

[الأسباب كتجليات للحق من خلف حجابها]

و إذا علم أسرار الطبائع و وقف على حقائقها علم من الأسماء الإلهية التي علمها اللّٰه آدم عليه السلام نصفها و هي علوم عجيبة لما أطلعنا اللّٰه عليها من هذه الطريقة رأينا أمرا هائلا و علمنا من سر اللّٰه في خلقه و كيف سر الاقتدار الإلهي في كل شيء فلا شيء ينفع إلا به و لا يضر إلا به و لا ينطق إلا به و لا يتحرك إلا به و حجب العالم بالصور فنسبوا كل ذلك إلى أنفسهم و إلى الأشياء و اللّٰه يقول يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرٰاءُ إِلَى اللّٰهِ و كلامه حق و هو خبر و مثل هذه الأخبار لا يدخلها النسخ فلا فقر إلا إلى اللّٰه ففي هذه الآية تسمى اللّٰه بكل شيء يفتقر إليه و من هذا الباب يكون الفقير من يفتقر إلى كل شيء و لا يفتقر إليه شيء فيتناول الأسباب على أوضاعها الحكمية لا يخل بشيء منها و هذا الذوق عزيز ما رأينا أحدا عليه فيمن رأيناه و لا نقل إلينا سماعا لا في المتقدم و لا في المتأخر لكن رأينا و نقل إلينا عن جماعة إثبات الأسباب و ليس من هذا الباب فإن الذي نذكره و نطلبه سريان الألوهية في الأسباب أو تجليات الحق خلف حجاب الأسباب في أعيان الأسباب أو سريان الأسباب في الألوهية هذا هو الذي لم نجد له ذائقا إلا قول اللّٰه تعالى فهي الآية اليتيمة في القرآن لا يعرف قدرها إذ لا قيمة لها و كل ما لا قيمة له ثبت بالضرورة أنه مجهول القدر و لو اعتقدت فيه النفاسة*

[النشأتان:الطبيعية و الروحانية]

و من أسرارهم أيضا معرفة النشأتين في الدنيا و هي النشأة الطبيعية و النشأة الروحانية و ما أصلهما و معرفة النشأتين في الدار الآخرة الطبيعية و الروحانية و ما أصلهما و معرفة النشأتين نشأة الدنيا و نشأة الآخرة فهي ستة علوم لا بد من معرفتها*

[العبودة البشرية و القوى الإلهية]

و من أسرارهم أنه ما منهم شخص كمل له هذا المقام إلا و يوهب ستمائة قوة إلهية ورثها من جده الأقرب لأبيه فيفعل بها بحسب ما تعطيه فإن شاء أخفاها و إن شاء أظهرها و الإخفاء أعلى فإن العبودة إنما تأخذ من القوي ما تستعين بها على أداء حق أوامر سيدها لثبوت حكم عبوديتها و كل قوة تخرجه عن هذا الباب بالقصد فليس هو مطلوبا لرجال اللّٰه فإنهم لا يزاحمون ذا القوة المتين فإن اللّٰه ما طلب منهم أن يطلبوا العون منه إلا في عبادته لا أن يظهروا بها ملوكا أربابا كما زعمت طائفة من أهل الكتاب ممن اتخذوا عيسى ربا قالوا إن محمدا يطلب منا أن نعبده كما عبدنا عيسى فأنزل اللّٰه تعالى قُلْ يٰا أَهْلَ الْكِتٰابِ تَعٰالَوْا إِلىٰ كَلِمَةٍ سَوٰاءٍ بَيْنَنٰا وَ بَيْنَكُمْ أَلاّٰ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّٰهَ وَ لاٰ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَ لاٰ يَتَّخِذَ بَعْضُنٰا بَعْضاً أَرْبٰاباً مِنْ دُونِ اللّٰهِ *

[معارج العيسويين]

و من أسرارهم أيضا أنهم لا يتعدون في معارجهم من حيث أبيهم السماء الثانية إلا أن يتوجهوا إلى الجد الأقرب فربما ينتهي بعضهم إلى السدرة المنتهى و هي المرتبة التي تنتهي إليها أعمال العباد لا تتعداها و من هناك يقبلها الحق و هي برزخها إلى يوم القيامة الذي يموت فيه صاحب ذلك العمل و يكفي هذا القدر من علم أسرار هذه الجماعة وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء العشرون

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست