responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 222

و رأى موسى في السماء السادسة و قد رآه و هو يصلي في قبره فمن أحوال هذا الشخص بعد موته مثل هذه الأشياء لا فرق في حقه بين حياته و موته فإنه كان في زمان حياته في الدنيا في صورة الميت حاله الموت فجعله اللّٰه في حال موته كمن حاله الحياة جزاء وفاقا و من صفات صاحب هذا المقام في موته إذا نظر الناظر إلى وجهه و هو ميت يقول فيه حي و إذا نظر إلى مجس عروقه يقول فيه ميت فيحار الناظر فيه فإن اللّٰه جمع له بين الحياة و الموت في حال حياته و موته و قد رأيت ذلك لوالدي رحمه اللّٰه يكاد إنا ما دفناه إلا على شك مما كان عليه في وجهه من صورة الأحياء و مما كان من سكون عروقه و انقطاع نفسه من صورة الأموات و كان قبل أن يموت بخمسة عشر يوما أخبرني بموته و أنه يموت يوم الأربعاء و كذلك كان فلما كان يوم موته و كان مريضا شديد المرض استوى قاعدا غير مستند و قال لي يا ولدي اليوم يكون الرحيل و اللقاء فقلت له كتب اللّٰه سلامتك في سفرك هذا و بارك لك في لقائك ففرح بذلك و قال لي جزاك اللّٰه يا ولدي عني خيرا كل ما كنت أسمعه منك تقوله و لا أعرفه و ربما كنت أنكر بعضه هو ذا أنا أشهده ثم ظهرت على جبينه لمعة بيضاء تخالف لون جسده من غير سوء له نور يتلألأ قشعر بها الوالد ثم إن تلك اللمعة انتشرت على وجهه إلى أن عمت بدنه فقبلته و وادعته و خرجت من عنده و قلت له أنا أسير إلى المسجد الجامع إلى أن يأتيني نعيك فقال لي رح و لا تترك أحدا يدخل علي و جمع أهله و بناته فلما جاء الظهر جاءني نعيه فجئت إليه فوجدته على حالة يشك الناظر فيه بين الحياة و الموت و على تلك الحالة دفناه و كان له مشهد عظيم فسبحان من يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشٰاءُ فصاحب هذا المقام حياته و موته سواء و كل ما قدمناه في هذا الباب من العلم هو علم صاحب هذا المقام فإنه من علم الأنفاس و لهذا ذكرنا ما ذكرنا من ذلك وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب السادس و الثلاثون في معرفة العيسويين و أقطابهم و أصولهم)



كل من أحيا حقيقته و شفى من علة الحجب
فهو عيسى لا يناط به عندنا شيء من الريب
فلقد أعطت سجيته رتبة تسمو على الرتب
بنعوت القدس تعرفه في صريح الوحي و الكتب
لم ينلها غير وارثه صفة في سالف الحقب
فسرت في الكون همته في أعاجم و في عرب
فبها تحيا نفوسهمو و بها إزالة النوب

[الشريعة المحمدية و عالمية وارثيها]

اعلم أيدك اللّٰه أنه لما كان شرع محمد صلى اللّٰه عليه و سلم تضمن جميع الشرائع المتقدمة و أنه ما بقي لها حكم في هذه الدنيا إلا ما قررته الشريعة المحمدية فبتقريرها ثبتت فتعبدنا بها نفوسنا من حيث إن محمدا صلى اللّٰه عليه و سلم قررها لا من حيث إن النبي المخصوص بها في وقته قررها فلهذا أوتي رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم جوامع الكلم فإذا عمل المحمدي و جميع العالم المكلف اليوم من الإنس و الجن محمدي ليس في العالم اليوم شرع إلهي سوى هذا الشرع المحمدي فلا يخلو هذا العامل من هذه الأمة إن يصادف في عمله فيما يفتح له منه في قلبه و طريقه و يتحقق به طريقة من طرق نبي من الأنبياء المتقدمين مما تتضمنه هذه الشريعة و قررت طريقته و صحبتها نتيجته فإذا فتح له في ذلك فإنه ينتسب إلى صاحب تلك الشريعة فيقال فيه عيسوي أو موسوي أو إبراهيمي و ذلك لتحقيق ما تميز له من المعارف و ظهر له من المقام من جملة ما هو تحت حيطة شريعة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم فيتميز بتلك النسبة أو بذلك النسب من غيره ليعرف أنه ما ورث من محمد صلى اللّٰه عليه و سلم إلا ما لو كان موسى أو غيره من الأنبياء حيا و اتبعه ما ورث إلا ذلك منه و لما تقدمت شرائعهم قبل هذه الشريعة جعلنا هذا العارف وارثا إذ كان الورث للآخر من الأول فلو لم يكن لذلك الأول شرع مقرر قبل تقرير محمد صلى اللّٰه عليه و سلم لساوينا الأنبياء و الرسل إذ جمعنا زمان شريعة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم كما يساوينا اليوم الياس و الخضر و عيسى إذا نزل فإن الوقت يحكم عليه إذ لا نبوة تشريع بعد محمد صلى اللّٰه عليه و سلم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست