responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 221

بالأشياء في جميع القوي أو في قوة بعينها كما قررنا إما في الشم و هو صاحب علم الأنفاس و إما في النظر فيقال هو صاحب نظر و إما في الضرب و هو من باب اللمس بطريق خاص و لذلك كني عن ذلك بوجود برد الأنامل فينسب صاحب تلك الصفة التي بها تحصل العلوم إليها فيقال هو صاحب كذا كما قررنا إن الصفة هي عين الموصوف في هذا الباب أعني الصفة النفسية فكما رجع المعنى الذي يقال فيه إنه لا يقوم بنفسه صورة قائمة بنفسها رجعت الصورة التي هي هذا العالم معنى لتحققه بذلك المعنى و تألفه به كما تألفت هذه المعاني فصار من تأليفها ذات قائمة بنفسها يقال فيها جسم و إنسان و فرس و نبات فافهم فيصير صاحب علم الذوق ذوقا و صاحب علم الشم شما و معنى ذلك أنه يفعل في غيره ما يفعل الذوق فيه إن كان صاحب ذوق أو ما فعل الشم فيه إن كان صاحب شم فقد التحق في الحكم بمعناه و صار هو في نفسه معنى يدرك به المدرك الأشياء كما يدرك الرائي بالنظر في المرآة الأشياء التي لا يدركها في تلك الحالة إلا بالمرآة كان للشيخ أبي مدين ولد صغير من سوداء و كان أبو مدين صاحب نظر فكان هذا الصبي و هو ابن سبع سنين ينظر و يقول أرى في البحر في موضع صفته كذا و كذا سفنا و قد جرى فيها كذا و كذا فإذا كان بعد أيام و تجيء تلك السفن إلى بجاية مدينة هذا الصبي التي كان فيها يوجد الأمر على ما قاله الصبي فيقال للصبي بما ذا ترى فيقول بعيني ثم يقول لا إنما أراه بقلبي ثم يقول لا إنما أراه بوالدي إذا كان حاضرا و نظرت إليه رأيت هذا الذي أخبركم به و إذا غاب عني لا أرى شيئا من ذلك

ورد في الخبر الصحيح عن اللّٰه تعالى في العبد الذي يتقرب إلى اللّٰه بالنوافل حتى بحبه يقول فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به الحديث فبه يسمع و يبصر و يتكلم و يبطش و يسعى فهذا معنى قولنا يرجع المحقق بمثل صورة معنى ما تحقق به فكان ينظر بأبيه كما ينظر الإنسان بعينه في المرآة فافهم و هكذا كل صاحب طريق من طرق هذه القوي و قد يجمع الكل واحد فيرى بكل قوة و يسمع بكل قوة و يشم بكل قوة و هو أتم الجماعة

[المحقق في منزل الأنفاس:أحواله و صفاته بعد موته]

و أما أحوالهم بعد موتهم فعلى قدر ما كانوا عليه في الدنيا من التفرغ لأمر ما معين أو أمور مختلفة على قدر ما تحققوا به في التفرغ له و هم في الآخرة على قدر أحوالهم في الدنيا فمن كان في الدنيا عبدا محضا كان في الآخرة ملكا محضا و من كان في الدنيا يتصف بالملك و لو في جوارحه أنها ملك له نقص من ملكه في الآخرة بقدر ما استوفاه في الدنيا و لو أقام العدل في ذلك و صرفه فيما أوجب اللّٰه عليه أن يصرفه فيه شرعا و هو يرى أنه مالك لذلك لغفلة طرأت منه فإن وبال ذلك يعود عليه و يؤثر فيه فلا أعز في الآخرة ممن بلغ في الدنيا غاية الذل في جناب الحق و الحقيقة و لا أذل في الآخرة ممن بلغ في الدنيا غاية العزة في نفسه و لو كان مصفوعا في الدنيا و لا أريد بعز الدنيا أن يكون فيها ملكا إلا أن يكون صفته في نفسه العزة و كذلك الذلة و أما أن يكون في ظاهر الأمر ملكا أو غير ذلك فما نبالي في أي مقام و في أي حال أقام الحق عبده في ظاهره و إنما المعتبر في ذلك حاله في نفسه

[الحياة النفسية بعد الموت]

ذكر عبد الكريم بن هوازن القشيري في بعض كتبه و غيره عن رجل من الناس أنه دفن رجلا من الصالحين فلما جعله في قبره نزع الكفن عن خده و وضع خده على التراب ففتح الميت عينيه و قال له يا هذا أ تذللني بين يدي من أعزني فتعجب من ذلك و خرج من القبر و رأيت أنا مثل هذا لعبد اللّٰه صاحبي الحبشي في قبره و رآه غاسله و قد هاب أن يغسله في حديث طويل ففتح عينيه في المغتسل و قال له اغسل فمن أحوالهم بعد الموت أنهم أحياء بالحياة النفسية التي بها يسبح كل شيء و من كانت له همة بمعبده في حال عبادته في حياته بحيث أن يكون يحفظها من الداخل فيها حتى لا يتغير عليه الحال إن كان صاحب نفس فإذا مات و دخل أحد بعده معبده ففعل فيه ما لا يليق بصاحبه الذي كان يعمره ظهرت فيه آية و هذا قد رويناه في حكاية عن أبي يزيد البسطامي كان له بيت يتعبد فيه يسمى بيت الأبرار فلما مات أبو يزيد بقي البيت محفوظا محترما لا يفعل فيه إلا ما يليق بالمساجد فاتفق أنه جاء رجل فبات فيه قيل و كان جنبا فاحترقت عليه ثيابه من غير نار معهودة ففر من البيت فما كان يدخله أحد فيفعل فيه ما لا يليق إلا رأى آية فيبقى أثر مثل هذا الشخص بعد موته يفعل مثل ما كان يفعله في حياته سواء و قد قال بعضهم و كان محبا في الصلاة يا رب إن كنت أذنت لأحد أن يصلي في قبره فاجعلني ذلك فرئي و هو يصلي في قبره و قد مر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ليلة إسرائه بقبر موسى ع فرآه و هو يصلي في قبره ثم عرج به إلى السماء و ذكر الإسراء و ما جرى له فيه مع الأنبياء

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست