responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 219

رجل عمل بما علم من فروع الأحكام و اعتقد الايمان بما جاءت به الرسل و الكتب فكشف اللّٰه عن بصيرته و صيره ذا بصيرة في شأنه كما فعل بنبيه و رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم و أهل عنايته فكاشف و أبصر و دعا إلى اللّٰه عز و جل على بصيرة كما قال اللّٰه تعالى في حق نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم مخبرا له أَدْعُوا إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي و هؤلاء هم العلماء بالله العارفون و إن لم يكونوا رسلا و لا أنبياء فهم على بينة من ربهم في علمهم به و بما جاء من عنده

[المتشابهات:تأويلها أو التسليم بها]

و كذلك وصف نفسه بكثير من صفات المخلوقين من المجيء و الإتيان و التجلي للأشياء و الحدود و الحجب و الوجه و العين و الأعين و اليدين و الرضي و الكراهة و الغضب و الفرح و التبشبش و كل خبر صحيح ورد في كتاب و سنة و الأخبار أكثر من أن تحصى مما لا يقبلها إلا مؤمن بها من غير تأويل أو بعض أرباب النظر من المؤمنين بتأويل أضطره إليه إيمانه فانظر مرتبة المؤمن ما أعزها و مرتبة أهل الكشف ما أعظمها حيث ألحقت أصحابها بالرسل و الأنبياء عليهم السلام فيما خصوا به من العلم الإلهي لأن العلماء ورثة الأنبياء و ما ورثوا دينارا و لا درهما بل ورثوا العلم

يقول صلى اللّٰه عليه و سلم إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة فمن كان عنده شيء من هذه الدنيا فليوقفه صدقة على من يراه من الأقربين إلى اللّٰه فهو النسب الحقيقي أو يزهد فيه و لا يترك شيئا يورث عنه إن أراد أن يلحق بهم و لا يرث أحدا فالحمد لله الذي أعطانا من هذا المقام الحظ الوافر فهذا بعض ما ورد علينا من اللّٰه عز و جل في اللّٰه تعالى من الأوصاف

[قلب الحقائق و المعجزات]

و أما في قلب الحقائق فلا خلاف بين العقلاء في أنه لا يكون و دل دليل العقل القاصر من جهة فكره و نظره لا من جهة إيمانه و قبوله إذ لا أعقل من الرسل و أهل اللّٰه إن الأعيان لا تنقلب حقيقة في نفسها و إن الصفات و الأعراض في مذهب من يقول إنها أعيان موجودة لا نقوم بأنفسها و لا بد لها من محل قائم بنفسه أو غير قائم بنفسه لكنه في قائم بنفسه و لا بد و مثال الأول السواد مثلا أو أي لون كان لا يقوم إلا بمحل يقال فيه لقيام السواد به أسود و مثال الثاني كالسواد المشرق مثلا فالسواد هو المشرق فإنه نعت له فهذا معنى قولي أو غير قائم بنفسه لكنه في قائم بنفسه و هذه مسألة خلاف بين النظار هل يقوم المعنى بالمعنى فمن قائل به و مانع من ذلك و قد ثبت أن جميع الأعمال كلها أعراض و إنها تفني و لا بقاء لها و إنه ليس لها عين موجودة بعد ذهابها و لا توصف بالانتقال و إن الموت إما عرض موجود في الميت في مذهب بعض النظار و إما نسبة افتراق بعد اجتماع و كذا جميع الأكوان في مذهب بعضهم و هو الصحيح الذي يقتضيه الدليل و على كل حال فإنه لا يقوم بنفسه

[مراتب العلماء في المتشابهات]

و وردت الأخبار النبوية بما يناقض هذا كله مع كوننا مجمعين على إن الأعمال أعراض أو نسب

فقال الشارع و هو الصادق صاحب العلم الصحيح و الكشف الصريح إن الموت يجاء به يوم القيامة في صورة كبش أملح يعرفه الناس و لا ينكره أحد فيذبح بين الجنة و النار روى أن يحيى ع هو الذي يضجعه و يذبحه بشفرة تكون في يده و الناس ينظرون إليه و

ورد أيضا في الخبر أن عمل الإنسان يدخل معه في قبره في صورة حسنة أو قبيحة فيسأله صاحبه فيقول أنا عملك و أن مانع الزكاة يأتيه ماله شجاعا أقرع له زبيبتان و أمثال هذا في الشرع لا تحصى كثرة فأما المؤمنون فيؤمنون بهذا كله من غير تأويل و أما أهل النظر من أهل الايمان و غيرهم فيقولون حمل هذا على ظاهره محال عقلا و له تأويل فيتأولونه بحسب ما يعطيهم نظرهم فيه ثم يقولون أهل الايمان منهم عقيب تأويلهم و اللّٰه أعلم يعني في ذلك التأويل الخاص الذي ذهب إليه هل هو المراد لله أم لا و أما حمله على ظاهره فمحال عندهم جملة واحدة و الايمان إنما يتعلق بلفظ الشارع به خاصة هذا هو اعتقاد أهل الأفكار

[صفات الممكنات نسب و إضافات بينها و بين الحق]

و بعد أن بينا لك هذه الأمور و مراتب الناس فيها فإنها من هذا الباب الذي نحن بصدده فاعلم أنه ما ثم إلا ذوات أوجدها اللّٰه تعالى فضلا منه عليها قائمة بأنفسها و كل ما وصفت به فنسب و إضافات بينها و بين الحق من حيث ما وصفت فإذا أوجد الموجد قيل فيه إنه قادر على الإيجاد و لو لا ذاك ما أوجد و إذا خصص الممكن بأمر دون غيره مما يجوز أن يقوم به قيل مريد و لو لا ذلك ما خصصه بهذا دون غيره و سبب هذا كله إنما تعطيه حقيقة الممكن فالممكنات أعطت هذه النسب فافهم إن كنت ذا لب و نظر إلهي و كشف رحماني

[مآخذ العلوم:مصادر المعرفة]

و قد قررنا في الباب الذي قبل هذا أن مآخذ العلوم من طرق مختلفة و هي السمع و البصر و الشم و اللمس و الطعم و العقل من حيث ضرورياته و هو ما يدركه بنفسه من غير قوة أخرى و من حيث فكره الصحيح أيضا مما يرجع إلى طرق الحواس أو الضروريات و البديهيات

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست