responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 213

لقلوبهم و أسرارهم متعلقة بالله من حيث معرفة نفوسهم و لا اجتماع لهم بالنهار مع الغافلين بل حركتهم ليلية و نظرهم في الغيب الغالب عليهم مقام الحزن فإن الحزن إذا فقد من القلب خرب فالعارف يأكل الحلوى و العسل و المحقق الكبير يأكل الحنظل فهو كثير التنغيص لا يلتذ بنعمة أبدا ما دام في هذه الدار لشغله بما كلفه اللّٰه من الشكر عليها لقيت منهم بدنيسر عمر الفرقوي و بمدينة فاس عبد اللّٰه السماد و العارفون بالنظر إلى هؤلاء كالأطفال الذين لا عقول لهم يفرحون و يلتذون بخشخاشة فما ظنك بالمريدين فما ظنك بالعامة لهم القدم الراسخة في التوحيد و لهم المشافهة في الفهوانية يقدمون النفي على الإثبات لأن التنزيه شأنهم كلفظة لا إله إلا اللّٰه و هي أفضل كلمة جاءت بها الرسل و الأنبياء توحيدهم كوني عقلي ليسوا من اللهو في شيء لهم الحضور التام على الدوام و في جميع الأفعال اختصوا بعلم الحياة و الأحياء لهم اليد البيضاء فيعلمون من الحيوان ما لا يعلمه سواهم و لا سيما من كل حيوان يمشي على بطنه لقربه من أصله الذي عنه تكون فإن كل حيوان يبعد عن أصله ينقص من معرفته بأصله على قدر ما بعد منه أ لا ترى المريض الذي لا يقدر على القيام و القعود و يبقى طريحا لضعفه و هو رجوعه إلى أصله تراه فقيرا إلى ربه مسكينا ظاهر الضعف و الحاجة بلسان الحال و المقال و ذلك أن أصله حكم عليه لما قرب منه يقول اللّٰه خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ و قال خُلِقَ الْإِنْسٰانُ ضَعِيفاً فإذا استوى قائما و بعد عن أصله تفرعن و تجبر و ادعى القوة و قال أنا فالرجل من كان مع اللّٰه في حال قيامه و صحته كحاله في اضطجاعه من المرض و الضعف و هو عزيز لهم البحث الشديد في النظر في أفعالهم و أفعال غيرهم معهم من أجل النيات التي بها يتوجهون و إليها ينسبون لشدة بحثهم عنها حتى تخلص لهم الأعمال و يخلصوها من غيرهم و لهذا قيل فيهم النياتيون كما قيل الملامية و الصوفية لأحوال خاصة هم عليها فلهم معرفة الهاجس و الهمة و العزم و الإرادة و القصد و هذه كلها أحوال مقدمة للنية و النية هي التي تكون منه عند مباشرة أفعاله و هي المعتبرة في الشرع الإلهي ففيها يبحثون و هي متعلق الإخلاص و كان عالمنا الإمام سهل بن عبد اللّٰه يدقق في هذا الشأن و هو الذي نبه على نقر الخاطر و يقول إن النية هو ذلك الهاجس و أنه السبب الأول في حدوث الهم و العزم و الإرادة و القصد فكان يعتمد عليه و هو الصحيح عندنا وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب الرابع و الثلاثون في معرفة شخص تحقق في منزل الأنفاس فعاين منها أمورا أذكرها إن شاء اللّٰه)



إن المحقق بالأنفاس رحمان فالعرش في حقه إن كان إنسان
و إن توجه نحو العين يطلبها له العماء و إحسان فإحسان
مقامه باطن الأعراف يسكنه يزوره فيه أنصار و أعوان
له من الليل إن حققت آخره كما له من وجود العين إنسان
إن لاح ظاهره تقول قرآن أو لاح باطنه تقول فرقان
قد جمع اللّٰه فيه كل منقبة فهو الكمال الذي ما فيه نقصان

[الإدراكات و المعلومات]

اعلم أيدك اللّٰه بروح القدس أن المعلومات مختلفة لأنفسها و أن الإدراكات التي تدرك بها المعلومات مختلفة أيضا لأنفسها كالمعلومات و لكن من حيث أنفسها و ذواتها لا من حيث كونها إدراكات و إن كانت مسألة خلاف عند أرباب النظر و قد جعل اللّٰه لكل حقيقة مما يجوز أن يعلم إدراكا خاصا عادة لا حقيقة أعني محلها و جعل المدرك بهذه الإدراكات لهذه المدركات عينا واحدة و هي ستة أشياء سمع و بصر و شم و لمس و طعم و عقل و إدراك جميعها للأشياء ما عدا العقل ضروري و لكن الأشياء التي ارتبطت بها عادة لا تخطئ أبدا و قد غلط في هذا جماعة من العقلاء و نسبوا الغلط للحس و ليس كذلك و إنما الغلظ للحاكم

[المعرفة العقلية و الحسية]

و أما إدراك العقل المعقولات فهو على قسمين منه ضروري مثل سائر الإدراكات و منه ما ليس بضروري بل يفتقر في علمه إلى أدوات ست منها الحواس الخمس التي ذكرناها و منها القوة المفكرة و لا يخلو معلوم يصح أن يعلمه مخلوق أن يكون مدركا بأحد هذه الإدراكات و إنما قلنا إن جماعة غلطت في إدراك الحواس فنسبت إليها الأغاليط و ذلك أنهم رأوا إذا كانوا في سفينة تجري بهم مع

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست