responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 203

دعواكم في نسبة ما هو له و قد نسبتموه إليكم عليم بأن الأمر على خلاف ما دعيتموه

[توحيد الحق بلسان الحق]

و من أصولهم التوحيد بلسان بي يتكلم و بي يسمع و بي يبصر و هذا مقام لا يحصل إلا عن فروع الأعمال و هي النوافل فإن هذه الفروع تنتج المحبة الإلهية و المحبة تورث العبد أن يكون بهذه الصفة فتكون هذه الصفة أصلا لهذا الصف من العباد فيما يعلمونه و يحكمون به من أحكام الخضر و علمه فهو أصل مكتسب و هو للخضر أصل عناية إلهية بالرحمة التي آتاه اللّٰه و عن تلك الرحمة كان له هذا العلم الذي طلب موسى عليه السلام أن يعلمه منه فإن تفطنت لهذا الأمر الذي أوردناه عرفت قدر ولاية هذه الملة المحمدية و الأمة و منزلتها و أن ثمرة زهرة فروع أصلها المشروع لها في العامة هي أصل الخضر الذي امتن اللّٰه تعالى على عبده موسى عليه السلام بلقائه و أدبه به فانتج للمحمدي فرع فرع فرع أصله ما هو أصل للخضر و مثل موسى عليه السلام يطلب منه أن يعلمه مما هو عليه من العلم فانظر منزلة هذا العارف المحمدي أين تميزت فكيف لك بما ينتجه الأصل الذي ترجع إليه هذه الفروع

[محبة الامتنان و محبة الجزاء]

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فيما يرويه عن ربه إن اللّٰه يقول ما تقرب إلي المتقربون بأحب إلي من أداء ما افترضته عليهم فهذا هو الأصل أداء الفرض ثم قال و لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل و هو ما زاد على الفرائض و لكن من جنسها حتى تكون الفرائض أصلا لها مثل نوافل الخيرات من صلاة و زكاة و صوم و حج و ذكر فهذا هو الفرع الأقرب إلى الأصل ثم ينتج له هذا العمل الذي هو نافلة محبة اللّٰه إياه و هي محبة خاصة جزاء ليست هي محبة الامتنان فإن محبة الامتنان الأصلية اشترك فيها جميع أهل السعادة عند اللّٰه تعالى و هي التي أعطت لهؤلاء التقرب إلى اللّٰه بنوافل الخيرات ثم إن هذه المحبة و هي الفرع الثاني الذي هو بمنزلة الزهرة أنتجت له أن يكون الحق سمعه و بصره و يده إلى غير ذلك و هذا هو الفرع الثالث و هو بمنزلة الثمرة التي تعقد عند الزهرة فعند ذلك يكون العبد يسمع بالحق و ينطق به و يبصر به و يبطش به و يدرك به و هذا وحي خاص إلهي أعطاه هذا المقام ليس للملك فيه وساطة من اللّٰه و لهذا قال الخضر لموسى عليه السلام مٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً فإن وحي الرسل إنما هو بالملك بين اللّٰه و بين رسوله فلا خبر له بهذا الذوق في عين إمضاء الحكم في عالم الشهادة فما تعود الإرسال لتشريع الأحكام الإلهية في عالم الشهادة إلا بواسطة الروح الذي ينزل به على قلبه أو في تمثله لم يعرف الرسول الشريعة إلا على هذا الوصف لا غير الشريعة فإن الرسول له قرب أداء الفرض و المحبة عليها من اللّٰه و ما تنتج له تلك المحبة و له قرب النوافل و محبتها و ما يعطيه محبتها و لكن من العلم بالله لا من علم التشريع و إمضاء الحكم في عالم الشهادة فلم يحط به خبرا من هذا القبيل فهذا القدر هو الذي اختص به خضر دون موسى عليه السلام

[نبوة التعريف و نبوة التشريع]

و من هذا الباب يحكم المحمدي الذي لم يتقدم له علم بالشريعة بوساطة النقل و قراءة الفقه و الحديث و معرفة الأحكام الشرعية فينطق صاحب هذا المقام بعلم الحكم المشروع على ما هو عليه في الشرع المنزل من هذه الحضرة و ليس من الرسل و إنما هو تعريف إلهي و عصمة يعطيها هذا المقام ليس للرسالة فيه مدخل فهذا معنى قوله مٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً فإن الرسول لا يأخذ هذا الحكم إلا بنزول الروح الأمين على قلبه أو بمثال في شاهده يتمثل له الملك رجلا و لما كانت النبوة قد منعت و الرسالة كذلك بعد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم كان التعريف لهذا الشخص بما هو الشرع المحمدي عليه في عالم الشهادة فلو كان في زمان التشريع كما كان زمان موسى لظهر الحكم من هذا الولي كما ظهر من الخضر من غير وساطة ملك بل من حضرة القرب فالرسول و النبي لهما حضرة القرب مثل ما لهذا و ليس له التشريع منها بل التشريع لا يكون له لا بوساطة الملك الروح و ما بقي إلا إذا حصل للنبي المتأخر من شرع المتقدم ما هو شرع له هل يحصل ذلك بوساطة الروح كسائر شرعه أو يحصل له كما حصل للخضر و لهذا الولي منا من حضرة الوحي فمذهبي أنه لا يحصل له إلا كما يحصل ما يختص به من الشرائع ذلك الرسول و لهذا ليصدق الثقة العدل في قوله ما لم تحط به خبرا و ما يعرف له منازع و لا مخالف فيما ذكرناه من أهل طريقنا و لا وقفنا عليه غير أنه إن خالفنا فيه أحد من أهل طريقنا فلا يتصور فيه خلاف لنا إلا من أحد رجلين إما رجل من أهل اللّٰه التبس عليه الأمر و جعل التعريف الإلهي حكما فأجاز أن يكون النبي أو الرسول كذلك و لكن في هذه الأمة و أما في الزمان الأول فهو حكم لصاحبه و لا بد و هو تعريف للرسول بوساطة الملك أن هذا شرع

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست