responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 201

اللّٰه و غيرة له و الغيرة لله من الايمان و أمثال هذا و لا يسكن و لا ينظر هل ذلك من قبيل الإمكان أم لا أعني أن يكون اللّٰه قد عرف وليا من أوليائه بما يجريه في خلقه كالخضر و يعلمه علوما من لدنه تكون العبارة عنها بهذه الصيغ التي ينطق بها الرسول صلى اللّٰه عليه و سلم كما قال الخضر وَ مٰا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي و آمن هذا المنكر بها على زعمه إذ جاء بها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فو الله لو كان مؤمنا بها ما أنكرها على هذا الولي لأن الشارع ما أنكر إطلاقها في جناب الحق من استواء و نزول و معية و ضحك و فرح و تبشبش و تعجب و أمثال ذلك و ما ورد عنه صلى اللّٰه عليه و سلم قط أنه حجرها على أحد من عباد اللّٰه بل أخبر عن اللّٰه أنه يقول لنا لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ففتح لنا و ندبنا إلى التأسي به صلى اللّٰه عليه و سلم و قال فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ و هذا من اتباعه و التأسي به فمن التأسي به إذا ورد علينا من الحق سبحانه وارد حق فعلمنا من لدنه علما فيه رحمة حبانا اللّٰه بها و عناية حيث كنا في ذلك على بينة من ربنا و يتلوها شاهد منا و هو اتباعنا سنته و ما شرع لنا لم نخل بشيء منها و لا ارتكبنا مخالفة بتحليل ما حرم اللّٰه أو تحريم ما أحل فنطلب لذلك المعلوم الذي علمناه من جانب الحق أمثال هذه العبارات النبوية لنفصح بها عن ذلك و لا سيما إذا سألنا عن شيء من ذلك لأن اللّٰه أخبر عمن هذه صفته أنه يدعو إلى اللّٰه على بصيرة فمن التأسي المأمور به برسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أن نطلق على تلك المعاني هذه الألفاظ النبوية إذ لو كان في العبارة عنها ما هو أفصح منها لا طلقها صلى اللّٰه عليه و سلم فإنه المأمور بتبيين ما أنزل به علينا و لا نعدل إلى غيرها لما نريده من البيان مع التحقق ب‌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فإنا إذا عدلنا إلى عبارة غيرها ادعينا بذلك أنا أعلم بحق اللّٰه و أنزه من رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و هذا أسوأ ما يكون من الأدب ثم إن المعنى لا بد أن يختل عند السامع إذ كان ذلك اللفظ الذي خالفت به لفظ من كان أفصح الناس و هو رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و القرآن لا يدل على ذلك المعنى بحكم المطابقة فشرع لنا التأسي و غاب هذا المنكر المكفر من أتى بمثل هذا عن النظر في هذا كله و ذلك لأمرين أو لأحدهما إن كان عالما فلحسد قام به قال تعالى حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ و إن كان جاهلا فهو بالنبوة أجهل

[أقطاب الأفراد و اختصاصاتهم]

يا ولي لقينا من أقطاب هذا المقام بجبل أبي قبيس بمكة في يوم واحد ما يزيد على السبعين رجلا و ليس لهذه الطبقة تلميذ في طريقهم أصلا و لا يسلكون أحدا بطريق التربية لكن لهم الوصية و النصيحة و نشر العلم فمن وفق أخذ به و يقال إن أبا السعود بن الشبل كان منهم و ما لقيته و لا رأيته و لكن شممت له رائحة طيبة و نفسا عطريا و بلغني أن عبد القادر الجيلي و كان عدلا قطب وقته شهد لمحمد بن قائد الأواني بهذا المقام كذا نقل إلي و العهدة على الناقل فإن ابن قائد زعم أنه ما رأى هناك أمامه سوى قدم نبيه و هذا لا يكون إلا لأفراد الوقت فإن لم يكن من الأفراد فلا بد أن يرى قدم قطب وقته أمامه زائدا على قدم نبيه إن كان إماما و إن كان وتدا فيرى أمامه ثلاثة أقدام و إن كان بدلا يرى أربعة قدام و هكذا إلا أنه لا بد أن يكون في حضرة الاتباع مقاما فإذا لم يقم في حضرات الاتباع و عدل به عن يمين الطريق بين المخدع و بين الطريق فإنه لا يبصر قدما أمامه و ذلك هو طريق الوجه الخاص الذي من الحق إلى كل موجود و من ذلك الوجه الخاص تنكشف للأولياء هذه العلوم التي تنكر عليهم و يزندقون بها و يزندقهم بها و يكفرهم من يؤمن بها إذا جاءته عن الرسل و هي العلوم عينها و هي التي ذكرناها آنفا و لأصحاب هذا المقام التصريف و التصرف في العالم فالطبقة الأولى من هؤلاء تركت التصرف لله في خلقه مع التمكن و تولية الحق لهم إياه تمكنا لا أمرا لكن عرضا فلبسوا الستر و دخلوا في سرادقات الغيب و استتر و بحجب العوائد و لزموا العبودة و الافتقار و هم الفتيان الظرفاء الملامتية الأخفياء الأبرياء و كان أبو السعود منهم كان رحمه اللّٰه ممن امتثل أمر اللّٰه في قوله تعالى فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً فالوكيل له التصرف فلو أمر امتثل الأمر هذا من شأنهم و أما عبد القادر فالظاهر من حاله إنه كان مأمورا بالتصرف فلهذا ظهر عليه هذا هو الظن بأمثاله و أما محمد الأواني فكان يذكر إن اللّٰه أعطاه التصرف فقبله فكان يتصرف و لم يكن مأمورا فابتلي فنقصه من المعرفة القدر الذي علا أبو السعود به عليه فنطق أبو السعود بلسان الطبقة الأولى من طائفة الركبان و سميناهم أقطابا لثبوتهم و لأن هذا المقام أعني مقام العبودة يدور عليهم لم أرد بقطبيتهم أن لهم جماعة تحت أمرهم يكونون رؤساء عليهم و أقطابا لهم هم أجل من ذلك و أعلى فلا رياسة أصلا لهم في نفوسهم لتحققهم بعبوديتهم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست