اللّٰه عنه حين يضرب بيده إلى صدره و يتنهد إن هاهنا لعلوما جمة لو وجدت لها حملة فإنه كان من الأفراد و لم يسمع هذا من غيره في زمانه إلا أبي هريرة ذكر مثل هذا
خرج البخاري في صحيحة عنه أنه قال حملت عن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم جوابين أما الواحد فبثثته فيكم و أما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم البلعوم مجرى الطعام فأبو هريرة ذكر أنه حمله عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فكان فيه ناقلا عن غير ذوق و لكنه علم لكونه سمعه من رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و نحن إنما نتكلم فيمن أعطى عين الفهم في كلام اللّٰه تعالى في نفسه و ذلك علم الأفراد و كان من الأفراد عبد اللّٰه بن العباس البحر كان يلقب به لاتساع علمه فكان يقول في قوله عز و جل اَللّٰهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمٰاوٰاتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لو ذكرت تفسيره لرجمتموني و في رواية لقلتم إني كافر و
إلى هذا العلم كان يشير على ابن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين عليهم الصلاة و السلام بقوله فلا أدري هل هما من قيله أو تمثل بهما
يا رب جوهر علم لو أبوح به لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا و لاستحل رجال مسلمون دمي يرون أقبح ما يأتونه حسنا فنبه بقوله يعبد الوثنا على مقصوده ينظر إليه تأويل
قوله صلى اللّٰه عليه و سلم إن اللّٰه خلق آدم على صورته بإعادة الضمير على اللّٰه تعالى و هو من بعض محتملاته
[مشكلة العلم الباطن]
بالله يا أخي أنصفي فيما أقوله لك لا شك أنك قد أجمعت معي على أنه كل ما صح عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من الأخبار في كل ما وصف به فيها ربه تعالى من الفرح و الضحك و التعجب و التبشبش و الغضب و التردد و الكراهة و المحبة و الشوق إن ذلك و أمثاله يجب الايمان به و التصديق فلو هبت نفحات من هذه الحضرة الإلهية كشفا و تجليا و تعريفا إلهيا على قلوب الأولياء بحيث أن يعلموا بإعلام اللّٰه و شاهدوا بإشهاد اللّٰه من هذه الأمور المعبر عنها بهذه الألفاظ على لسان الرسول و قد وقع الايمان مني و منك بهذا كله إذا أتى بمثله هذا الولي في حق اللّٰه تعالى أ لست تزندقه كما قال الجنيد أ لست تقول إن هذا مشبه هذا عابد وثن كيف وصف الحق بما وصف به المخلوق ما فعلت عبدة الأوثان أكثر من هذا كما قال علي بن الحسين أ لست كنت تقتله أو تفتي بقتله كما قال ابن عباس فبأي شيء آمنت و سلمت لما سمعت ذلك من رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في حق اللّٰه من الأمور التي تحيلها الأدلة العقلية و منعت من تأويلها و الأشعري تأولها على وجوه من التنزيه في زعمه فأين الإنصاف فهلا قلت القدرة واسعة أن تعطي لهذا الولي ما أعطت للنبي من علوم الأسرار فإن ذلك ليس من خصائص النبوة و لا حجر الشارع على أمته هذا الباب و لا تكلم فيه بشيء بل
قال إن يكن في أمتي محدثون فعمر منهم فقد أثبت النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أن ثم من يحدث ممن ليس بنبي و قد يحدث بمثل هذا فإنه خارج عن تشريع الأحكام من الحلال و الحرام فإن ذلك أعني التشريع من خصائص النبوة و ليس الاطلاع على غوامض العلوم الإلهية من خصائص نبوة التشريع بل هي سارية في عباد اللّٰه من رسول و ولي و تابع و متبوع يا ولي فأين الإنصاف منك أ ليس هذا موجودا في الفقهاء و أصحاب الأفكار الذين هم فراعنة الأولياء و دجاجة عباد اللّٰه الصالحين و اللّٰه يقول لمن عمل منا بما شرع اللّٰه له إن اللّٰه يعلمه و يتولى تعليمه بعلوم أنتجتها أعماله قال تعالى وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّٰهُ وَ اللّٰهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ و قال إِنْ تَتَّقُوا اللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً
[عمر بن الخطاب و ابن حنبل]
و من أقطاب هذا المقام عمر بن الخطاب و أحمد بن حنبل و لهذا
قال صلى اللّٰه عليه و سلم في عمر بن الخطاب يذكر ما أعطاه اللّٰه من القوة يا عمر ما لقيك الشيطان في فج إلا سلك فجا غير فجك! فدل على عصمته بشهادة المعصوم و قد علمنا إن الشيطان ما يسلك قط بنا إلا إلى الباطل و هو غير فج عمر بن الخطاب فما كان عمر يسلك إلا فجاج الحق بالنص فكان ممن لا تأخذه في اللّٰه لومة لائم في جميع مسالكه و للحق صولة و لما كان الحق صعب المرام قويا حمله على النفوس لا تحمله و لا تقبله بل تمجه و ترده لهذا
قال صلى اللّٰه عليه و سلم ما ترك الحق لعمر من صديق و صدق صلى اللّٰه عليه و سلم يعني في الظاهر و الباطن أما في الظاهر فلعدم الإنصاف و حب الرئاسة و خروج الإنسان عن عبوديته و اشتغاله بما لا يعنيه و عدم تفرغه لما دعي إليه من شغله بنفسه و عيبه عن عيوب الناس و أما في الباطن فما ترك الحق لعمر في قلبه من صديق فما كان له تعلق إلا بالله
[مأساة العلم الباطن]
ثم الطامة الكبرى أنك إذا قلت لواحد من هذه الطائفة المنكرة اشتغل بنفسك يقول لك إنما أقوم حماية لدين