responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 194

و هذا ممنوع في حق الحق لأن ذاته غير مركبة من أمر يقع فيه الاشتراك فيكون به في الجنس و أمر يقع به الامتياز و ما ثم إلا اللّٰه و الخلق و لا مناسبة بين اللّٰه و العالم و لا الصانع و المصنوع فلا مشاركة فلا جنس فلا فصل و الذي أجاز ذلك عقلا و منعه شرعا قال لا أقول إن الحد مركب من جنس و فصل بل أقول إن السؤال بما يطلب به العلم بحقيقة المسئول عنه و لا بد لكل معلوم أو مذكور من حقيقة يكون في نفسه عليها سواء كان على حقيقة يقع له فيها الاشتراك أو يكون على حقيقة لا يقع له فيها الاشتراك فالسؤال بما يتصور و لكن ما ورد به الشرع فمنعنا من السؤال به عن الحق لقوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و أما منعهم الكيفية و هو السؤال بكيف فانقسموا أيضا قسمين فمن قائل بأنه سبحانه ما له كيفية لأن الحال أمر معقول زائد على كونه ذاتا و إذا قام بذاته أمر وجودي زائد على ذاته أدى إلى وجود واجبي الوجود لذاتهما أزلا و قد قام الدليل على إحالة ذلك و إنه لا واجب إلا هو لذاته فاستحالت الكيفية عقلا و من قائل إن له كيفية و لكن لا نعلم فهي ممنوعة شرعا لا عقلا لأنها خارجة عن الكيفيات المعقولة عندنا فلا تعلم و قد قال ليس كمثله شيء يعني في كل ما ينسب إليه مما نسبه إلى نفسه يقول هو على ما تنسبه إلى الحق و إن وقع الاشتراك في اللفظ فالمعنى مختلف و أما السؤال بلم فممنوع أيضا لأن أفعال اللّٰه تعالى لا تعلل لأن العلة موجبة للفعل فيكون الحق داخلا تحت موجب أوجب عليه هذا الفعل زائد على ذاته و أبطل غيره إطلاق لم على فعله شرعا بأن قال لا ينسب إليه ما لم ينسب إلى نفسه فهذا معنى قولي شرعا لا أنه ورد النهي من اللّٰه عن كل ما ذكرنا منعه شرعا و هذا كله كلام مدخول لا يقع التخليص منه بالصحة و الفساد إلا بعد طول عظيم

[من أجاز إطلاق«ما» و«كيف» و«لم» على اللّٰه شرعا]

هذا قد ذكرنا طريقة من منع و أما من أجاز السؤال عنه بهذه المطالب من العلماء فهم أهل الشرع منهم و سبب إجازتهم لذلك إن قالوا ما حجر الشرع علينا حجرناه و ما أوجب علينا أن نخوض فيه خضنا فيه طاعة أيضا و ما لم يرد فيه تحجير و لا وجوب فهو عافية إن شئنا تكلمنا فيه و إن شئنا سكتنا عنه و هو سبحانه ما نهى فرعون على لسان موسى عليه السلام عن سؤاله بقوله و ما رب العالمين بل أجاب بما يليق به الجواب عن ذاك الجناب العالي و إن كان وقع الجواب غير مطابق للسؤال فذلك راجع لاصطلاح من اصطلح على أنه لا يسأل بذلك إلا عن الماهية المركبة و اصطلح على إن الجواب بالأثر لا يكون جوابا لمن سأل بما و هذا الاصطلاح لا يلزم الخصم فلم يمنع إطلاق هذا السؤال بهذه الصيغة عليه إذ كانت الألفاظ لا تطلب لأنفسها و إنما تطلب لما تدل عليه من المعاني التي وضعت لها فإنها بحكم الوضع و ما كل طائفة وضعتها بإزاء ما وضعتها الأخرى فيكون الخلاف في عبارة لا في حقيقة و لا يعتبر الخلاف إلا في المعاني و أما إجازتهم الكيفية فمثل إجازتهم السؤال بما و يحتجون في ذلك بقوله تعالى سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاٰنِ و

قوله إن لله عينا و أعينا و يدا و إن بيده الميزان يخفض و يرفع و هذه كلها كيفيات و إن كانت مجهولة لعدم الشبه في ذلك و أما إجازتهم السؤال بلم و هو سؤال عن العلة فلقوله تعالى وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ فهذه لام العلة و السبب فإن ذلك في جواب من سأل لم خلق اللّٰه الجن و الإنس فقال اللّٰه لهذا السائل لِيَعْبُدُونِ أي لعبادتي فمن ادعى التحجير في إطلاق هذه العبارات فعليه بالدليل فيقال للجميع من المتشرعين المجوزين و المانعين كلكم قال و ما أصاب و ما من شيء قلتموه من منع و جواز إلا و عليكم فيه دخل و الأولى التوقف عن الحكم بالمنع أو بالجواز هذا مع المتشرعين و أما غير المتشرعين من الحكماء فالخوض معهم في ذلك لا يجوز إلا إن أباح الشرع ذلك أو أوجبه و أما إن لم يرد في الخوض فيه معهم نطق من الشارع فلا سبيل إلى الخوض فيه معهم فعلا و يتوقف في الحكم في ذلك فلا يحكم على من خاض فيه أنه مصيب و لا مخطئ و كذلك فيمن ترك الخوض إذ لا حكم إلا للشرع فيما يجوز أن يتلفظ به أو لا يتلفظ به يكون ذلك طاعة أو غير طاعة فهذا يا ولي قد فصلنا لك مآخذ الناس في هذه المطالب

[التشبيه و التنزيه من طريق المعنى]

و أما العلم النافع في ذلك أن نقول كما أنه سبحانه لا يشبه شيئا كذلك لا تشبهه الأشياء و قد قام الدليل العقلي و الشرعي على نفي التشبيه و إثبات التنزيه من طريق المعنى و ما بقي الأمر إلا في إطلاق اللفظ عليه سبحانه الذي أباح لنا إطلاقه عليه في القرآن أو على لسان رسوله فأما إطلاقه عليه فلا يخلو إما أن يكون العبد مأمورا بذلك الإطلاق فيكون إطلاقه طاعة فرضا و يكون المتلفظ به مأجورا مطيعا مثل قوله في تكبيرة الإحرام اللّٰه أكبر و هي لفظة وزنها يقتضي المفاضلة و هو سبحانه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست