منازل و مناهل في الصلاة فعلا فهو مسافر من حال إلى حال فمن كان حاله السفر دائما كيف لا يقال له البس نعليك أي استعن في سيرك بالكتاب و السنة و هي زينة كل مسجد فإن أحوال الصلاة و ما يطرأ فيها من كلام اللّٰه و ما يتعرض في ذلك من الشبه في غوامض الآيات المتلوة و كون الإنسان في الصلاة يجعل اللّٰه في قبلته فيجده فهذه كلها بمنزلة لشوك و الوعر الذي يكون بالطريق و لا سيما طريق التكليف فأمر بلباس النعلين ليتقي بهما ما ذكرناه من الأذى لقدمي السالك اللتين هما عبارة عن ظاهره و باطنه فلهذا جعلناهما الكتاب و السنة و أما نعلا موسى ع فليستا هذه فإنه قال له ربه فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوٰادِ الْمُقَدَّسِ فروينا أنهما كانتا من جلد حمار ميت فجمعت ثلاثة أشياء الشيء الواحد الجلد و هو ظاهر الأمر أي لا تقف مع الظاهر في كل الأحوال و الثاني البلادة فإنها منسوبة إلى الحمار و الثالث كونه ميتا غير مذكى و الموت الجهل و إذا كنت ميتا لا تعقل ما تقول و لا ما يقال لك و المناجي لا بد أن يكون بصفة من يعقل ما يقول و يقال له فيكون حي القلب فطنا بمواقع الكلام غواصا على المعاني التي يقصدها من يناجيه بها فإذا فرغ من صلاته سلم على من حضر سلام القادم من عند ربه إلى قومه بما أتحفه به
[6-سر لباس النعلين في الصلاة]
فقد نبهتك على سر لباس النعلين في الصلاة في ظاهر الأمر و ما المراد بهما عند أهل طريق اللّٰه تعالى من العارفين
قال صلى اللّٰه عليه و سلم الصلاة نور و النور يهتدى به و اسم الصلاة مأخوذة من المصلى و هو المتأخر الذي يلي السابق في الحلبة و لهذا ترجم هذا الباب بالوصلة و جعله من عالم النور و لأهل هذا المشهد نور خلع النعلين و نور لباس النعلين فهم المحمديون الموسويون المخاطبون من شجر الخلاف بلسان النور المشبه بالمصباح و هو نور ظاهر يمده نور باطن في زيت من شجرة زيتونة مباركة في خط الاعتدال منزهة عن تأثير الجهات كما كان الكلام لموسى ع من شجرة فهو نُورٌ عَلىٰ نُورٍ أي نور من نور فأبدل حرف من بعلي لما يفهم به من قرينة الحال و قد تكون على على بابها فإن نور السراج الظاهر يعلو حسا على نور الزيت الباطن و هو الممد للمصباح فلو لا رطوبة الدهن تمد المصباح لم يكن للمصباح ذلك الدوام و كذلك إمداد التقوى للعلم العرفاني الحاصل منها في قوله تعالى وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّٰهُ و قوله تعالى إِنْ تَتَّقُوا اللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً لا يقطع ذلك العلم الإلهي فنور الزيت باطن في الزيت محمول فيه يسرى منه معنى لطيف في رقيقة من رقائق الغيب لبقاء نور المصباح و لا لأقطاب هذا المقام أسرار منها سر الإمداد و سر النكاح و سر الجوارح و سر الغيرة و سر العنين و هو الذي لا يقوم بالنكاح و سر دائرة الزمهرير و سر وجود الحق في السراب و سر الحجب الإلهية و سر نطق الطير و الحيوان و سر البلوغ و سر الصديقين وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
(الباب الثامن و العشرون في معرفة أقطاب أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ )
العلم بالكيف مجهول و معلوم لكنه بوجود الحق موسوم فظاهر الكون تكييف و باطنه علم يشار إليه فهو مكتوم من أعجب الأمر أن الجهل من صفتي بما لنا فهو في التحقيق معلوم و كيف أدرك من بالعجز أدركه و كيف أجهله و الجهل معدوم قد حرت فيه و في أمري و لست أنا سواه فالخلق ظلام و مظلوم إن قلت إني يقول الإن منه أنا أو قلت إنك قال الإن مفهوم فالحمد لله لا أبغي به بدلا و إنما الرزق بالتقدير مقسوم
[أمهات المطالب العلمية و حملها على الحق]
اعلم أن أمهات المطالب أربعة و هي هل سؤال عن الوجود و ما و هو سؤال عن الحقيقة التي يعبر عنها بالماهية و كيف و هو سؤال عن الحال و لم و هو سؤال عن العلة و السبب و اختلف الناس فيما يصح منها أن يسأل بها عن الحق و اتفقوا على كلمة هل فإنه يتصور أن يسأل بها عن الحق و اختلفوا فيما بقي فمنهم من منع و منهم من أجاز فالذي منع و هم الفلاسفة و جماعة من الطائفة منعوا ذلك عقلا و منهم من منع ذلك شرعا
[من منع إطلاق«ما» و«كيف» و«لم» على اللّٰه عقلا]
فأما صورة منعهم عقلا أنهم قالوا في مطلب ما إنه سؤال عن الماهية فهو سؤال عن الحد و الحق سبحانه لا حد له إذ كان الحد مركبا من جنس و فصل