responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 191

يذهب و تبقي حياة الحرف معه فإن الشكل لا يدبره سوى روح واحد و ينتقل روح ذلك الحرف الواحد إلى البرزخ مع الأرواح فإن موت الشكل زواله بالمحو و هذا الشكل الآخر المركب من حرفين أو ثلاثة أو ما كان ليس هو عين الحرف الأول الذي لم يكن مركبا إن عمرا ليس هو عين زيد و إن كان مثله و أما الحروف اللفظية فإنها تتشكل في الهواء و لهذا تتصل بالسمع على صورة ما نطق بها المتكلم فإذا تشكلت في الهواء قامت بها أرواحها و هذه الحروف لا يزال الهواء يمسك عليها شكلها و إن انقضى عملها فإن عملها إنما يكون في أول ما تتشكل في الهواء ثم بعد ذلك تلتحق بسائر الأمم فيكون شغلها تسبيح ربها و تصعد علوا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ و هو عين شكل الكلمة من حيث ما هي شكل مسبح لله تعالى و لو كانت كلمة كفر فإن ذلك يعود وباله على المتكلم بها لا عليها و لهذا قال الشارع إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط اللّٰه ما لا يظن أن تبلغ ما بلغت فيهوي بها في النار سبعين خريفا فجعل العقوبة للمتلفظ بها بسببها و ما تعرض إليها فهذا كلام اللّٰه سبحانه يعظم و يمجد و يقدس المكتوب في المصاحف و يقرأ على جهة القربة إلى اللّٰه و فيه جميع ما قالت اليهود و النصارى في حق اللّٰه من الكفر و السب و هي كلمات كفر عاد وبالها على قائلها و بقيت الكلمات على بابها تتولى يوم القيامة عذاب أصحابها أو نعيمهم

[الحروف اللفظية و المستحضرة خالدة]

و هذه الحروف الهوائية اللفظية لا يدركها موت بعد وجودها بخلاف الحروف الرقمية و ذلك لأن شكل الحرف الرقمي و الكلمة الرقمية تقبل التغيير و الزوال لأنه في محل يقبل ذلك و الأشكال اللفظية في محل لا يقبل ذلك و لهذا كان لها البقاء فالجو كله مملوء من كلام العالم يراه صاحب الكشف صورا قائمة و أما الحروف المستحضرة فإنها باقية إذ كان وجود أشكالها في البرزخ لا في الحس و فعلها أقوى من فعل سائر الحروف و لكن إذا استحكم سلطان استحضارها و اتحد المستحضر لها و لم يبق فيه متسع لغيرها و يعلم ما هي خاصيتها حتى يستحضرها من أجل ذلك فيرى أثرها فهذا شبيه الفعل بالهمة و إن لم يعلم ما تعطيه فإنه يقع الفعل في الوجود و لا علم له به و كذلك سائر أشكال الحروف في كل مرتبة و هذا الفعل بالحرف المستحضر يعبر عنه بعض من لا علم له بالهمة و بالصدق و ليس كذلك و إن كانت الهمة روحا للحرف المستحضر لا عين الشكل المستحضر و هذه الحضرة تعم الحروف كلها لفظيها و رقميها

[خواص أشكال الحروف]

فإذا علمت خواص الأشكال وقع الفعل بها علما لكاتبها أو المتلفظ بها و إن لم يعين ما هي مرتبطة به من الانفعالات لا يعلم ذلك و قد أينا من قرأ آية من القرآن و ما عنده خبر فرأى أثرا غريبا حدث و كان ذا فطنة فرجع في تلاوته من قريب لينظر ذلك الأثر بأية آية يختص فجعل يقرأ و ينظر فمر بالآية التي لها ذلك الأثر فرأى الفعل فتعداها فلم ير ذلك الأثر فعاود ذلك مرارا حتى تحققه فاتخذها لذلك الانفعال و رجع كلما أراد أن يرى ذلك الانفعال تلا تلك الآية فظهر له ذلك الأثر و هو علم شريف في نفسه إلا أن السلامة منه عزيزة فالأولى ترك طلبه فإنه من العلم الذي اختص اللّٰه به أولياءه على الجملة و إن كان عند بعض الناس منه قليل و لكن من غير الطريق الذي يناله الصالحون و لهذا يشقى به من هو عنده و لا يسعد فالله يجعلنا من العلماء بالله وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب السابع و العشرون في معرفة أقطاب صل فقد نويت وصالك و هو من منزل العالم النوراني»



و لو لا النور ما اتصلت عيون بعين المبصرات و لا رأتها
و لو لا الحق ما اتصلت عقول بأعيان الأمور فأدركتها
إذا سألت عقول عن ذوات تعد مغايرات أنكرتها
شو قالت ما علمنا غير ذات تمد ذوات خلق أظهرتها
شهي المعنى و نحن لها حروف فمهما عينت أمرا عنتها

[الصلاة:منازلها و مناهلها]

[1-محبة الرب تسبق محبة العبد]

اعلم أيها الولي الحميم تولاك اللّٰه بعنايته إن اللّٰه تعالى يقول في كتابه العزيز فَسَوْفَ يَأْتِي اللّٰهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ فقدم محبته إياهم على محبتهم إياه و قال أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي فقدم إجابته لنا إذا دعوناه على إجابتنا له إذا دعانا و جعل الاستجابة من العبيد لأنها أبلغ من الإجابة فإنه لا مانع له من الإجابة سبحانه فلا فائدة للتأكيد و للإنسان موانع من الإجابة لما دعاه اللّٰه إليه و هي الهوى و النفس و الشيطان و الدنيا فلذلك أمر بالاستجابة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست