responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 188

و الجبروت فإنه تحت الجبر أ لا تراه مقهورا تحت سلطان ذوات الأذناب و هم طائفة منهم من الشهب الثواقب فما قهرهم إلا بجنسهم فعند هؤلاء الرجال استنزال أرواحها و إحضارها و هم رجال الأعراف و الأعراف سور حاجز بين الجنة و النار برزخ باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب فهو حد بين دار السعداء و دار الأشقياء دار أهل الرؤية و دار الحجاب و هؤلاء الرجال أسعد الناس بمعرفة هذا السور و لهم شهود الخطوط المتوهمة بين كل نقيضين مثل قوله بَيْنَهُمٰا بَرْزَخٌ لاٰ يَبْغِيٰانِ فلا يتعدون الحدود و هم رجال الرحمة التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فلهم في كل حضرة دخول و استشراف و هم العارفون بالصفات التي يقع بها الامتياز لكل موجود عن غيره من الموجودات العقلية و الحسية و أما رجال المطلع فهم الذين لهم التصرف في الأسماء الإلهية فيستنزلون بها منها ما شاء اللّٰه و هذا ليس لغيرهم و يستنزلون بها كل ما هو تحت تصريف الرجال الثلاثة رجال الحد و الباطن و الظاهر و هم أعظم الرجال و هم الملامية هذا في قوتهم و ما يظهر عليهم من ذلك شيء منهم أبو السعود و غيره فهم و العامة في ظهور العجز و ظاهر العوائد سواء و كان لأبي السعود في هؤلاء الرجال تميز بل كان من أكبرهم و سمعه أبو البدر على ما حدثنا مشافهة يقول إن من رجال اللّٰه من يتكلم على الخاطر و ما هو مع الخاطر أي لا علم له بصاحبه و لا يقصد التعريف به و لما وصف لنا عمر البزاز و أبو البدر و غيرهما حال هذا الشيخ رأيناه يجري مع أحوال هذا الصنف العالي من رجال اللّٰه قال لي أبو البدر كان كثيرا ما ينشد بيتا لم نسمع منه غيره و هو

و أثبت في مستنقع الموت رجله و قال لها من دون أخمصك الحشر
و كان يقول ما هو إلا الصلوات الخمس و انتظار الموت و تحت هذا الكلام علم كبير و كان يقول الرجل مع اللّٰه تعالى كساعي الطير فم مشغول و قدم تسعى و هذا كله أكبر حالات الرجال مع اللّٰه إذ الكبير من الرجال من يعامل كل موطن بما يستحقه و موطن هذه الدنيا لا يمكن أن يعامله المحقق إلا بما ذكره هذا الشيخ فإذا ظهر في هذه الدار من رجل خلاف هذه المعاملة علم إن ثم نفسا و لا بد إلا أن يكون مأمورا بما ظهر منه و هم الرسل و الأنبياء عليهم السلام و قد يكون بعض الورثة لهم أمر في وقت بذلك و هو مكر خفي فإنه انفصال عن مقام العبودية التي خلق الإنسان لها

[سر المنازل أو تجليات الحق في الصور]

و أما سر المنزل و المنازل فهو ظهور الحق بالتجلي في صور كل ما سواه فلو لا تجليه لكل شيء ما ظهرت شيئية ذلك الشيء قال تعالى إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فقوله إِذٰا أَرَدْنٰاهُ هو التوجه الإلهي لإيجاد ذلك الشيء ثم قال أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فنفس سماع ذلك الشيء خطاب الحق تكون ذلك الشيء فهو بمنزلة سريان الواحد في منازل العدد فتظهر الأعداد إلى ما لا يتناهى بوجود الواحد في هذه المنازل و لو لا وجود عينه فيها ما ظهرت أعيان الأعداد و لا كان لها اسم و لو ظهر الواحد باسمه في هذه المنزلة ما ظهر لذلك العدد عين فلا تجتمع عينه و اسمه معا أبدا فيقال اثنان ثلاثة أربعة خمسة إلى ما لا يتناهى و كل ما أسقطت واحدا من عدد معين زال اسم ذلك العدد و زالت حقيقته فالواحد بذاته يحفظ وجود أعيان الأعداد و باسمه يعدمها كذلك إذا قلت القديم فنى المحدث و إذا قلت اللّٰه فنى العالم و إذا أخليت العالم من حفظ اللّٰه لم يكن للعالم وجود و فنى و إذا سرى حفظ اللّٰه في العالم بقي العالم موجودا فبظهوره و تجليه يكون العالم باقيا و على هذه الطريقة أصحابنا و هي طريقة النبوة و المتكلمون من الأشاعرة أيضا عليها و هم القائلون بانعدام الأعراض لأنفسها و بهذا يصح افتقار العالم إلى اللّٰه في بقائه في كل نفس و لا يزال اللّٰه خلاقا على الدوام و غيرهم من أهل النظر لا يصح لهم هذا المقام و أخبرني جماعة من أهل النظر من علماء الرسوم أن طائفة من الحكماء عثروا على هذا و رأيته مذهبا لابن السيد البطليوسي في كتاب ألفه في هذا الفن وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب السادس و العشرون في معرفة أقطاب الرموز و تلويحات من أسرارهم و علومهم في الطريق»



ألا إن الرموز دليل صدق على المعنى المغيب في الفؤاد
و إن العالمين له رموز و الغاز ليدعى بالعباد
و لو لا اللغز كان القول كفرا و أدى العالمين إلى العناد
فهم بالرمز قد حسبوا فقالوا بإهراق الدماء و بالفساد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست