responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 181



يا إلهي و سيدي و اعتمادي ما عشقنا منها سوى معناها
أعلمتنا بما تريدون منا بلسان الرسول من أعلاها
فقطعنا أيامنا في سرور بك يا سيدي فما أحلاها
قال ردوا عليه دار هواه صدق الروح إنه يهواها
فرددنا مخلدين سكارى طربا دائما إلى سكناها
و بناها على اعتدال قواها و تجلى لها بما قواها

[الملامية أو مقام القرية في الولاية]

اعلم أيدك اللّٰه أن هذا الباب يتضمن ذكر عباد اللّٰه المسمين بالملامية و هم الرجال الذين حلوا من الولاية في أقصى درجاتها و ما فوقهم إلا درجة النبوة و هذا يسمى مقام القربة في الولاية و آيتهم من القرآن حُورٌ مَقْصُورٰاتٌ فِي الْخِيٰامِ ينبه بنعوت نساء الجنة و حورها على نفوس رجال اللّٰه الذين اقتطعهم إليه و صانهم و حبسهم في خيام صون الغيرة الإلهية في زوايا الكون أن تمتد إليهم عين فتشغلهم لا و اللّٰه ما يشغلهم نظر الخلق إليهم لكنه ليس في وسع الخلق أن يقوموا بما لهذه الطائفة من الحق عليهم لعلو منصبها فتقف العباد في أمر لا يصلون إليه أبدا فحبس ظواهرهم في خيمات العادات و العبادات من الأعمال الظاهرة و المثابرة على الفرائض منها و النوافل فلا يعرفون بخرق عادة فلا يعظمون و لا يشار إليهم بالصلاح الذي في عرف العامة مع كونهم لا يكون منهم فساد فهم الأخفياء الأبرياء الأمناء في العالم الغامضون في الناس فيهم

[أغبط الأولياء عند اللّٰه]

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عن ربه عز و جل إن أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من صلاة أحسن عبادة ربه و أطاعه في السر و العلانية و كان غامضا في الناس يريد أنهم لا يعرفون بين الناس بكبير عبادة و لا ينتهكون المحارم سرا و علنا قال بعض الرجال في صفتهم لما سئل عن العارف قال مسود الوجه في الدنيا و الآخرة فإن كان أراد ما ذكرناه من أحوال هذه الطائفة فإنه يريد باسوداد الوجه استفراغ أوقاته كلها في الدنيا و الآخرة في تجليات الحق له و لا يرى الإنسان عندنا في مرآة الحق إذا تجلى له غير نفسه و مقامه و هو كون من الأكوان و الكون في نور الحق ظلمة فلا يشهد إلا سواده فإن وجه الشيء حقيقته و ذاته و لا يدوم التجلي إلا لهذه الطائفة على الخصوص فهم مع الحق في الدنيا و الآخرة على ما ذكرناه من دوام التجلي و هم الأفراد و أما إن أراد بالتسويد من السيادة و أراد بالوجه حقيقة الإنسان أي له السيادة في الدنيا و الآخرة فيمكن و لا يكون ذلك إلا للرسل خاصة فإنه كما لهم و هو في الأولياء نقص لأن الرسل مضطرون في الظهور لأجل التشريع و الأولياء ليس لهم ذلك

[الكمال أو رجوع النفس إلى اللّٰه]

أ لا ترى اللّٰه سبحانه لم أكمل الدين كيف أمره في السورة التي نعى اللّٰه إليه فيها نفسه فأنزل عليه إِذٰا جٰاءَ نَصْرُ اللّٰهِ وَ الْفَتْحُ وَ رَأَيْتَ النّٰاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللّٰهِ أَفْوٰاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ أي أشغل نفسك بتنزيه ربك و الثناء عليه بما هو أهله فاقتطعه بهذا الأمر من العالم لما كمل ما أريد منه من تبليغ الرسالة و طلب بالاستغفار أن يستره عن خلقه في حجاب صونه لينفرد به دون خلقه دائما فإنه كان في زمان التبليغ و الإرشاد و شغله بأداء الرسالة فإن له وقتا لا يسعه فيه غير ربه و سائر أوقاته فيما أمر به من النظر في أمور الخلق فرده إلى ذلك الوقت الواحد الذي كان يختلسه من أوقات شغله بالخلق و إن كان عن أمر الحق ثم قوله إِنَّهُ كٰانَ تَوّٰاباً أي يرجع الحق إليك رجوعا مستصحبا لا يكون للخلق عندك فيه دخول بوجه من الوجوه و

لما تلا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم هذه السورة بكى أبو بكر الصديق رضي اللّٰه عنه وحده دون من كان في ذلك المجلس و علم أن اللّٰه تعالى قد نعى إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم نفسه و هو كان أعلم الناس به و أخذ الحاضرون يتعجبون من بكائه و لا يعرفون سبب ذلك

[الظهور أو التصرف في الكون]

و الأولياء الأكابر إذا تركوا و أنفسهم لم يختر أحد منهم الظهور أصلا لأنهم علموا أن اللّٰه ما خلقهم لهم و لا لأحد من خلقه بالتعلق من القصد الأول و إنما خلقهم له سبحانه فشغلوا أنفسهم بما خلقوا له فإن أظهرهم الحق عن غير اختيار منهم بأن يجعل في قلوب الخلق تعظيمهم فذلك إليه سبحانه ما لهم فيه تعمل و إن سترهم فلم يجعل لهم في قلوب الناس قدرا يعظمونهم من أجله فذلك إليه تعالى فهم لا اختيار لهم مع اختيار الحق فإن خيرهم و لا بد فيختارون الستر عن الخلق و الانقطاع إلى اللّٰه و لما كان حالهم ستر مرتبتهم عن نفوسهم فكيف عن غيرهم تعين علينا أن نبين منازل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست