responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 169

الأزلي عين الحياة الأبدية و إنما ميز الطرفين أعني الأزل و الأبد وجود العالم و حدوثه الحي و هذا العلم هو المتعلق بطول العالم أعني العالم الروحاني و هو عالم المعاني و الأمر و يتعلق بعرض العالم و هو عالم الخلق و الطبيعة و الأجسام و الكل لله أَلاٰ لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي تَبٰارَكَ اللّٰهُ رَبُّ الْعٰالَمِينَ و هذا كان علم الحسين بن منصور رحمه اللّٰه فإذا سمعت أحدا من أهل طريقنا يتكلم في الحروف فيقول إن الحرف الفلاني طوله كذا ذراعا أو شبر أو عرضه كذا كالحلاج و غيره فإنه يريد بالطول فعله في عالم الأرواح و بالعرض فعله في عالم الأجسام ذلك المقدار المذكور الذي يميزه به و هذا الاصطلاح من وضع الحلاج

[كن-علم عيسى-الرحمة الشاملة]

فمن علم من المحققين حقيقة كن فقد علم العلم العلوي و من أوجد بهمته شيئا من الكائنات فما هو من هذا العلم و لما كانت التسعة ظهرت في حقيقة هذه الثلاثة الأحرف ظهر عنها من المعدودات التسعة الأفلاك و بحركات مجموع التسعة الأفلاك و تسيير كواكبها وجدت الدنيا و ما فيها كما أنها أيضا تخرب بحركاتها و بحركة الأعلى من هذه التسعة وجدت الجنة بما فيها و عند حركة ذلك الأعلى يتكون جميع ما في الجنة و بحركة الثاني الذي يلي الأعلى وجدت النار بما فيها و القيامة و البعث و الحشر و النشر و بما ذكرناه كانت الدنيا ممتزجة نعيم ممزوج بعذاب و بما ذكرناه أيضا كانت الجنة نعيما كلها و النار عذابا كلها و زال ذلك المزج في أهلها فنشأة الآخرة لا تقبل مزاج نشأة الدنيا و هذا هو الفرقان بين نشأة الدنيا و الآخرة ألا أن نشأة النار أعني أهلها إذا انتهى فيهم الغضب الإلهي و أمده و لحق بالرحمة التي سبقته في المدى يرجع الحكم لها فيهم و صورتها لا تتبدل و لو تبدلت تعذبوا فيحكم عليهم أولا بإذن اللّٰه و توليته حركة الفلك الثاني من الأعلى بما يظهر فيهم من العذاب في كل محل قابل للعذاب و إنما قلنا في كل محل قابل للعذاب لأجل من فيها ممن لا يقبل العذاب فإذا انقضت مدتها و هي خمس و أربعون ألف سنة تكون في هذه المدة عذابا على أهلها يتعذبون فيها عذابا متصلا لا يفتر ثلاثة و عشرين ألف سنة ثم يرسل الرحمن عليهم نومة يغيبون فيها عن الإحساس و هو قوله تعالى لاٰ يَمُوتُ فِيهٰا وَ لاٰ يَحْيىٰ و

قوله ع في أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون فيها و لا يحيون يريد حالهم في هذه الأوقات التي يغيبون فيها عن إحساسهم مثل الذي يغشى عليه من أهل العذاب في الدنيا من شدة الجزع و قوة الآلام المفرطة فيمكثون كذلك تسع عشرة ألف سنة ثم يفيقون من غشيتهم و قد بدل اللّٰه جلودهم جلودا غيرها فيعذبون فيها خمسة عشر ألف سنة ثم يغشى عليهم فيمكثون في غشيتهم إحدى عشرة ألف سنة ثم يفيقون و قد بدل اللّٰه جلودهم جُلُوداً غَيْرَهٰا لِيَذُوقُوا الْعَذٰابَ فيجدون العذاب الأليم سبعة آلاف سنة ثم يغشى عليهم ثلاثة آلاف سنة ثم يفيقون فيرزقهم اللّٰه لذة و راحة مثل الذي ينام على تعب و يستيقظ و هذا من رحمته التي سبقت غضبه و وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فيكون لها حكم عند ذلك حكم التأبيد من الاسم الواسع الذي به وسع كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فلا يجدون ألما و يدوم لهم ذلك و يستغنمونه و يقولون نسينا فلا نسأل حذرا أن نذكر بنفوسنا و قد قال اللّٰه لنا اِخْسَؤُا فِيهٰا وَ لاٰ تُكَلِّمُونِ فيسكتون وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ و لا يبقى عليهم من العذاب إلا الخوف من رجوع العذاب عليهم فهذا القدر من العذاب هو الذي يسرمد عليهم و هو الخوف و هو عذاب نفسي لا حسي و قد يذهلون عنه في أوقات فنعيمهم الراحة من العذاب الحسي بما يجعل اللّٰه في قلوبهم من أنه ذو رحمة واسعة يقول اللّٰه تعالى اَلْيَوْمَ نَنْسٰاكُمْ كَمٰا نَسِيتُمْ و من هذه الحقيقة يقولون نسينا إذا لم يحسوا بالآلام و كذلك قوله نَسُوا اللّٰهَ فَنَسِيَهُمْ و كَذٰلِكَ الْيَوْمَ تُنْسىٰ أي تترك في جهنم إذ كان النسيان الترك و بالهمز التأخر

[أهل النار]

فأهل النار حظهم من النعيم عدم وقوع العذاب و حظهم من العذاب توقعه فإنه لا أمان لهم بطريق الأخبار عن اللّٰه و يحجبون عن خوف التوقع في أوقات فوقتا يحجبون عنه عشرة آلاف سنة و وقتا ألفي سنة و وقتا ستة آلاف سنة و لا يخرجون عن هذا المقدار المذكور متى ما كان لا بد أن يكون هذا القدر لهم من الزمان و إذا أراد اللّٰه أن ينعمهم من اسمه الرحمن ينظرون في حالهم التي هم عليها في الوقت و خروجهم مما كانوا فيه من العذاب فينعمون بذلك القدر من النظر فوقتا يدوم لهم هذا النظر ألف سنة و وقتا تسعة آلاف سنة و وقتا خمسة آلاف سنة فيزيد و ينقص فلا تزال حالهم هذه دائما في جهنم إذ هم أهلها و هذا الذي ذكرناه كله من العلم العيسوى الموروث من المقام المحمدي وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست