responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 166



و لم يبد من شمس الوجود و نورها على عالم الأرواح شيء سوى القرص
و ليست تنال العين في غير مظهر و لو هلك الإنسان من شدة الحرص
و لا ريب في قولي الذي قد بثثته و ما هو بالزور المموه و الخرص

[العلم:مراتبه و أطواره]

اعلم أيدك اللّٰه أن كل حيوان و كل موصوف بإدراك فإنه في كل نفس في علم جديد من حيث ذلك الإدراك لكن الشخص المدرك قد لا يكون ممن يجعل باله أن ذلك علم فهذا هو في نفس الأمر علم فاتصاف العلوم بالنقص في حق العالم هو أن الإدراك قد حيل بينه و بين أشياء كثيرة مما كان يدركها لو لم يقم به هذا المانع كمن طرأ عليه العمي أو الصمم أو غير ذلك و لما كانت العلوم تعلو و تتضع بحسب المعلوم لذلك تعلقت الهمم بالعلوم الشريفة العالية التي إذا اتصف بها الإنسان زكت نفسه و عظمت مرتبته فأعلاها مرتبة العلم بالله و أعلى الطرق إلى العلم بالله علم التجليات و دونها علم النظر و ليس دون النظر علم إلهي و إنما هي عقائد في عموم الخلق لا علوم و هذه العلوم هي التي أمر اللّٰه نبيه ع بطلب الزيادة منها قال تعالى وَ لاٰ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً أي زدني من كلامك ما نزيد به علما بك فإنه قد زاد هنا من العلم العلم بشرف التأني عند الوحي أدبا مع المعلم الذي أتاه به من قبل ربه و لهذا أردف هذه الآية بقوله وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ أي ذلت فأراد علوم التجلي و التجلي أشرف الطرق إلى تحصيل العلوم و هي علوم الأذواق

[العلم:ازدياده و زيادته]

و اعلم أن للزيادة و النقص بابا آخر نذكره أيضا إن شاء اللّٰه و ذلك أن اللّٰه جعل لكل شيء و نفس الإنسان من جملته الأشياء ظاهرا و باطنا فهي تدرك بالظاهر أمورا تسمى عينا و تدرك بالباطن أمورا تسمى علما و الحق سبحانه هو الظاهر و الباطن فبه وقع الإدراك فإنه ليس في قدرة كل ما سوى اللّٰه أن يدرك شيئا بنفسه و إنما أدركه بما جعل اللّٰه فيه و تجلى الحق لكل من تجلى له من أي عالم كان من عالم الغيب أو الشهادة إنما هو من الاسم الظاهر و أما الاسم الباطن فمن حقيقة هذه النسبة أنه لا يقع فيها تجل أبدا لا في الدنيا و لا في الآخرة إذ كان التجلي عبارة عن ظهوره لمن تجلى له في ذلك المجلى و هو الاسم الظاهر فإن معقولية النسب لا تتبدل و إن لم يكن لها وجود عيني لكن لها الوجود العقلي فهي معقولة فإذا تجلى الحق إما منة أو إجابة لسؤال فيه فتجلى لظاهر النفس وقع الإدراك بالحس في الصورة في برزخ التمثل فوقعت الزيادة عند المتجلي له في علوم الأحكام إن كان من علماء الشريعة و في علوم موازين المعاني إن كان منطقيا و في علوم ميزان الكلام إن كان نحويا و كذلك صاحب كل علم من علوم الأكوان و غير الأكوان تقع له الزيادة في نفسه من علمه الذي هو بصدده فأهل هذه الطريقة يعلمون أن هذه الزيادة إنما كانت من ذلك التجلي الإلهي لهؤلاء الأصناف فإنهم لا يقدرون على إنكار ما كشف لهم و غير العارفين يحسون بالزيادة و ينسبون ذلك إلى أفكارهم و غير هذين يجدون من الزيادة و لا يعلمون أنهم استزادوا شيئا فهم في المثل كَمَثَلِ الْحِمٰارِ يَحْمِلُ أَسْفٰاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيٰاتِ اللّٰهِ و هي هذه الزيادة و أصلها و العجب من الذين نسبوا ذلك إلى أفكارهم و ما علم إن فكره و نظره و بحثه في مسألة من المسائل هو من زيادة العلوم في نفسه من ذلك التجلي الذي ذكرناه فالناظر مشغول بمتعلق نظره و بغاية مطلبه فيحجب عن علم الحال فهو في مزيد علم و هو لا يشعر و إذا وقع التجلي أيضا بالاسم الظاهر لباطن النفس وقع الإدراك بالبصيرة في عالم الحقائق و المعاني المجردة عن المواد و هي المعبر عنها بالنصوص إذ النص ما لا إشكال فيه و لا احتمال بوجه من الوجوه و ليس ذلك إلا في المعاني فيكون صاحب المعاني مستريحا من تعب الفكر فتقع الزيادة له عند التجلي في العلوم الإلهية و علوم الأسرار و علوم الباطن و ما يتعلق بالآخرة و هذا مخصوص بأهل طريقنا فهذا سبب الزيادة

[العلم:نقصانه]

و أما سبب نقصها فامران إما سوء في المزاج في أصل النشء أو فساد عارض في القوة الموصلة إلى ذلك و هذا لا ينجبر كما قال الخضر في الغلام إنه طبع كافرا فهذا في أصل النشء و أما الأمر العارض فقد يزول إن كان في القوة بالطب و إن كان في النفس فشغله حب الرئاسة و اتباع الشهوات عن اقتناء العلوم التي فيها شرفه و سعادته فهذا أيضا قد يزول بداعي الحق من قلبه فيرجع إلى الفكر الصحيح فيعلم إن الدنيا منزل من منازل المسافر و أنها جسر يعبر و أن الإنسان إذا لم تتحل نفسه هنا بالعلوم و مكارم الأخلاق و صفات الملإ الأعلى من الطهارة و التنزه عن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست