responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 159

عند السامعين و يزول عندهم كونه حجة فلما علمت السحرة قدر ما جاء به موسى من قوة الحجة و أنه خارج عما جاءوا به و تحققت شفوف ما جاء به على ما جاءوا به و رأوا خوفه علموا أن ذلك من عند اللّٰه و لو كان من عنده لم يخف لأنه يعلم ما يجري فآيته عند السحرة خوفه و آيته عند الناس تلقف عصاه فآمنت السحرة قيل كانوا ثمانين ألف ساحر و علموا إن أعظم الآيات في هذا الموطن تلقف هذه الصور من أعين الناظرين و إبقاء صورة حية عصا موسى في أعينهم و الحال عندهم واحدة فعلموا صدق موسى فيما يدعوهم إليه و أن هذا الذي أتى به خارج عن الصور و الحيل المعلومة في السحر فهو أمر إلهي ليس لموسى ع فيه تعمل فصدقوا برسالته على بصيرة و اختاروا عذاب فرعون على عذاب اللّٰه و آثروا الآخرة على الدنيا و علموا من علمهم بذلك أَنَّ اللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللّٰهَ قَدْ أَحٰاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً و أن الحقائق لا تتبدل و أن عصا موسى مبطونة في صورة الحية عن أعين الجميع و عن الذي ألقاها بخوفه الذي شهدوا منه فهذه فائدة العلم

[التشكيك في الحواس و غلط السوفسطائية]

و إن جاءك الشيطان من جهة الشمال بشبهات التعطيل أو وجود الشريك لله تعالى في ألوهيته فطردته فإن اللّٰه يقويك على ذلك بدلائل التوحيد و علم النظر فإن الخلف للمعطلة و دفعهم بضرورة العلم الذي يعلم به وجود الباري فالخلف للتعطيل و الشمال للشرك و اليمين للضعف و من بين أيديهم التشكيك في الحواس و من هنا دخل التلبيس على السوفسطائية حيث أدخل لهم الغلط في الحواس و هي التي يستند إليها أهل النظر في صحة أدلتهم و إلى البديهيات في العلم الإلهي و غيره فلما أظهر لهم الغلط في ذلك قالوا ما ثم علم أصلا يوثق به فإن قيل لهم فهذا علم بأنه ما ثم علم فما مستندكم و أنتم غير قائلين به قالوا و كذلك نقول إن قولنا هذا ليس بعلم و هو من جملة الأغاليط يقال لهم فقد علمتم إن قولكم هذا ليس بعلم و قولكم إن هذا أيضا من جملة الأغاليط إثبات ما نفيتموه فأدخل عليهم الشبه فيما يستندون إليه في تركيب مقدماتهم في الأدلة و يرجعون إليه فيها و لهذا عصمنا اللّٰه من ذلك فلم يجعل للحس غلطا جملة واحدة و إن الذي يدركه الحس حق فإنه موصل ما هو حاكم بل شاهد و إنما العقل هو الحاكم و الغلط منسوب إلى الحاكم في الحكم و معلوم عند القائلين بغلط الحس و غير القائلين به إن العقل يغلط إذا كان النظر فاسدا أعني نظر الفكر فإن النظر ينقسم إلى صحيح و فاسد فهذا هو من بين أيديهم

[ترتيب مدينة بدن الإنسان]

ثم لتعلم أن الإنسان قد جعله الحق قسمين في ترتيب مدينة بدنه و جعل القلب بين القسمين منه كالفاصل بين الشيئين فجعل في القسم الأعلى الذي هو الرأس جميع القوي الحسية و الروحانية و ما جعل في النصف الآخر من القوي الحساسة إلا حاسة اللمس فيدرك الخشن و اللين و الحار و البارد و الرطب و اليابس بروحه الحساس من حيث هذه القوة الخاصة السارية في جميع بدنه لا غير ذلك و أما من القوي الطبيعية المتعلقة بتدبير البدن فالقوة الجاذبة و بها تجذب النفس الحيوانية ما به صلاح العضو من الكبد و القلب و القوة الماسكة و بها تمسك ما جذبته الجاذبة على العضو حتى يأخذ منه ما فيه منافعه فإن قلت فإذا كان المقصود المنفعة فمن أين دخل المرض على الجسد فاعلم إن المرض من الزيادة على ما يستحقه من الغذاء أو النقص مما يستحقه فهذه القوة ما عندها ميزان الاستحقاق فإذا جذبت زائدا على ما يحتاج إليه البدن أو نقصت عنه كان المرض فإن حقيقتها الجذب ما حقيقتها الميزان فإذا أخذته على الوزن الصحيح فذلك لها بحكم الاتفاق و من قوة أخرى لا بحكم القصد و ذلك ليعلم المحدث نقصه و أن اللّٰه يَفْعَلُ مٰا يُرِيدُ و كذلك فيه أيضا القوة الدافعة و بها يعرق البدن فإن الطبيعة ما هي دافعة بمقدار مخصوص لأنها تجهل الميزان و هي محكومة لأمر آخر من فضول تطرأ في المزاج تعطيها القوة الشهوانية و كذلك أيضا هذا كله سار في جميع البدن علوا و سفلا و أما سائر القوي فمحلها النصف الأعلى و هو النصف الأشرف محل وجود الحياتين حياة الدم و حياة النفس فأي عضو مات من هذه الأعضاء زالت عنه القوي التي كانت فيه من المشروط وجودها بوجود الحياة و ما لم يمت العضو و طرأ على محل قوة ما خلل فإن حكمها يفسد و يتخبط و لا يعطي علما صحيحا كمحل الخيال إذا طرأت فيه علة فالخيال لا يبطل و إنما يبطل قبول الصحة فيما يراه علما و كذلك العقل و كل قوة روحانية و أما القوي الحسية فهي أيضا موجودة لكن تطرأ حجب بينها و بين مدركاتها في العضو القائمة به من ماء ينزل في العين و غير ذلك و أما القوي ففي محالها ما زالت و لا برحت و لكن الحجب طرأت فمنعت فالأعمى يشاهد الحجاب و يراه و هو الظلمة التي يجدها فهي ظلمة الحجاب فمشهده الحجاب و كذلك ذائق

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست