responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 148

حكمهم في الدنيا أربعة و في القيامة ثمانية

فتلا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمٰانِيَةٌ ثم قال و هم اليوم أربعة يعني في يوم الدنيا و قوله يومئذ ثمانية يعني يوم الآخرة

[العرش محصور في جسم و روح و غذاء و مرتبة]

روينا عن ابن مسرة الجبلي من أكبر أهل الطريق علما و حالا و كشفا العرش المحمول هو الملك و هو محصور في جسم و روح و غذاء و مرتبة فآدم و إسرافيل للصور و جبريل و محمد للأرواح و ميكائيل و إبراهيم للأرزاق و مالك و رضوان للوعد و الوعيد و ليس في الملك إلا ما ذكر و الأغذية التي هي الأرزاق حسية و معنوية فالذي نذكر في هذا الباب الطريقة الواحدة التي هي بمعنى الملك لما يتعلق به من الفائدة في الطريق و تكون حملته عبارة عن القائمين بتدبيره فتدبر صورة عنصرية أو صورة نورية و روحا مدبر الصورة عنصرية و روحا مدبرا مسخرا الصورة نورية و غذاء لصورة عنصرية و غذاء علوم و معارف لأرواح و مرتبة حسية من سعادة بدخول الجنة و مرتبة حسية من شقاوة بدخول جهنم و مرتبة روحية علمية فمبنى هذا الباب على أربع مسائل المسألة الأولى الصورة و المسألة الثانية الروح و المسألة الثالثة الغذاء و المسألة الرابعة المرتبة و هي الغاية و كل مسألة منها تنقسم قسمين فتكون ثمانية و هم حملة عرش الملك أي إذا ظهرت الثمانية قام الملك و ظهر و استوى عليه مليكه

[الأجسام النورية و الملائكة الكروبيون]

المسألة الأولى الصورة و هي تنقسم قسمين صورة جسمية عنصرية تتضمن صورة جسدية خيالية و القسم الآخر صورة جسمية نورية فلنبتدئ بالجسم النوري فنقول إن أول جسم خلقه اللّٰه أجسام الأرواح الملكية المهيمة في جلال اللّٰه و منهم العقل الأول و النفس الكل و إليها انتهت الأجسام النورية المخلوقة من نور الجلال و ما ثم ملك من هؤلاء الملائكة من وجد بواسطة غيره إلا النفس التي دون العقل و كل ملك خلق بعد هؤلاء فداخلون تحت حكم الطبيعة فهم من جنس أفلاكها التي خلقوا منها و هم عمارها و كذلك ملائكة العناصر و آخر صنف من الأملاك الملائكة المخلوقون من أعمال العباد و أنفاسهم فلنذكر ذلك صنفا صنفا في هذا الباب إن شاء اللّٰه تعالى اعلم أن اللّٰه تعالى كان قبل إن يخلق الخلق و لا قبلية زمان و إنما ذلك عبارة للتوصيل تدل على نسبة يحصل بها المقصود في نفس السامع كان جل و تعالى في عماء ما تحته هواء و ما فوقه هواء و هو أول مظهر إلهي ظهر فيه سرى فيه النور الذاتي كما ظهر في قوله اَللّٰهُ نُورُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ فلما انصبغ ذلك العماء بالنور فتح فيه صور الملائكة المهيمين الذين هم فوق عالم الأجسام الطبيعية و لا عرش و لا مخلوق تقدمهم فلما أوجدهم تجلى لهم فصار لهم من ذلك التجلي غيبا كان ذلك الغيب روحا لهم أي لتلك الصور و تجلى لهم في اسمه الجميل فهاموا في جلال جماله فهم لا يفيقون

[العقل الأول قطب عالم التدوين و التسطير]

فلما شاء أن يخلق عالم التدوين و التسطير عين واحدا من هؤلاء الملائكة الكروبيين و هو أول ملك ظهر من ملائكة ذلك النور سماه العقل و القلم و تجلى له في مجلى التعليم الوهبي بما يريد إيجاده من خلقه لا إلى غاية و حد فقبل بذاته علم ما يكون و ما للحق من الأسماء الإلهية الطالبة صدور هذا العالم الخلقي فاشتق من هذا العقل موجودا آخر سماه اللوح و أمر القلم أن يتدلى إليه و يودع فيه جميع ما يكون إلى يوم القيامة لا غير و جعل لهذا القلم ثلاثمائة و ستين سنا في قلميته أي من كونه قلما و من كونه عقلا ثلاثمائة و ستين تجليا أو رقيقة كل سن أو رقيقة تغترف من ثلاثمائة و ستين صنفا من العلوم الإجمالية فيفصلها في اللوح فهذا حصر ما في العالم من العلوم إلى يوم القيامة فعلمها اللوح حين أودعه إياها القلم فكان من ذلك علم الطبيعة و هو أول علم حصل في هذا اللوح من علوم ما يريد اللّٰه خلقه فكانت الطبيعة دون النفس و ذلك كله في عالم النور الخالص

[العرش و عماره من الملائكة]

ثم أوجد سبحانه الظلمة المحضة التي هي في مقابلة هذا النور بمنزلة العدم المطلق المقابل للوجود المطلق فعند ما أوجدها أفاض عليها النور إفاضة ذاتية بمساعدة الطبيعة فلأم شعثها ذلك النور فظهر الجسم المعبر عنه بالعرش فاستوى عليه الاسم الرحمن بالاسم الظاهر فذلك أول ما ظهر من عالم الخلق و خلق من ذلك النور الممتزج الذي هو مثل ضوء السحر الملائكة الحافين بالسرير و هو قوله وَ تَرَى الْمَلاٰئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ فليس لهم شغل إلا كونهم حافين من حول العرش يسبحون بحمده و قد بينا خلق العالم في كتاب سميناه عقلة المستوفز و إنما نأخذ منه في هذا الباب رءوس الأشياء

[الكرسي و عماره من الملائكة]

ثم أوجد الكرسي في جوف هذا العرش و جعل فيه ملائكة من جنس طبيعته فكل فلك أصل لما خلق فيه من عمارة كالعناصر فيما خلق منها من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست