responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 143

الحرارة اليبوسة فانتجا ركن النار و نكحت الحرارة الرطوبة فانتجا ركن الهواء ثم نكح البرودة الرطوبة فانتجا ركن الماء و نكح البرودة اليبوسة فانتجا ركن التراب فحصلت في الأبناء حقائق الآباء و الأمهات فكانت النار حارة يابسة فحرارتها من جهة الأب و يبوستها من جهة الأم و كان الهواء حارا رطبا فحرارته من جهة الأب و رطوبته من جهة الأم و كان الماء باردا رطبا فبرودته من جهة الأب و رطوبته من جهة الأم و كانت الأرض باردة يابسة فبرودتها من جهة الأب و يبوستها من جهة الأم فالحرارة و البرودة من العلم و الرطوبة و اليبوسة من الإرادة هذا حد تعلقها في وجودها من العلم الإلهي و ما يتولد عنهما من القدرة ثم يقع التوالد في هذه الأركان من كونها أمهات لآباء الأنوار العلوية لا من كونها آباء و إن كانت الأبوة فيها موجودة فقد عرفناك أن الأبوة و البنوة من الإضافات و النسب فالأب ابن لأب هو ابن له و الابن أب لابن هو أب له و كذلك باب النسب فانظر فيه و اللّٰه الموفق لا رب غيره و لما كانت اليبوسة منفعلة عن الحرارة و كانت الرطوبة منفعلة عن البرودة قلنا في الرطوبة و اليبوسة إنهما منفعلتان و جعلناهما بمنزلة الأم للأركان و لما كانت الحرارة و البرودة فاعلين جعلناهما بمنزلة الأب للأركان و لما كانت الصنعة تستدعي صانعا و لا بد و المنفعل يطلب الفاعل بذاته فإنه منفعل لذاته و لو لم يكن منفعلا لذاته لما قبل الانفعال و الأثر و كان مؤثرا فيه بخلاف الفاعل فإنه يفعل بالاختيار إن شاء فعل فيسمى فاعلا و إن شاء ترك و ليس ذلك للمنفعل و لهذه الحقيقة ذكر تعالى و هو من فصاحة القرآن و إيجازه و لا رطب و لا يابس إلا في كتاب مبين فذكر المنفعل و لم يذكر و لا حار و لا بارد لما كانت الرطوبة و اليبوسة عند العلماء بالطبيعة تطلب الحرارة و البرودة اللتين هما منفعلتان عنهما كما تطلب الصنعة الصانع لذلك ذكرهما دون ذكر الأصل و إن كان الكل في الكتاب المبين فلقد جاء اللّٰه سيدنا محمدا صلى اللّٰه عليه و سلم بعلوم ما نالها أحد سواه كما قال فعلمت علم الأولين و الآخرين في حديث الضرب باليد فالعلم الإلهي هو أصل العلوم كلها و إليه ترجع و قد استوفينا ما يستحقه هذا الباب على غاية الإيجاز و الاختصار فإن الطول فيه إنما هو بذكر الكيفيات و أما الأصول فقد ذكرناها و مهدناها وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء الثاني عشر

«الباب الثاني عشر»
في معرفة دورة فلك سيدنا محمد صلى اللّٰه عليه و سلم

>بسم اللّٰه الرحمن الرحيم< و هي دورة السيادة و أن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلقه اللّٰه تعالى

إلا بأبي من كان ملكا و سيدا و آدم بين الماء و الطين واقف
فذاك الرسول الأبطحي محمد له في العلى مجد تليد و طارف
أتى بزمان السعد في آخر المدى و كانت له في كل عصر مواقف
أتى لانكسار الدهر يجبر صدعه فأثنت عليه ألسن و عوارف
إذا رام أمرا لا يكون خلافه و ليس لذاك الأمر في الكون صارف

[وجود روح محمد في عالم الغيب]

اعلم أيدك اللّٰه أنه لما خلق اللّٰه الأرواح المحصورة المدبرة للأجسام بالزمان عند وجود حركة الفلك لتعيين المدة المعلومة عند اللّٰه و كان عند أول خلق الزمان بحركته خلق الروح المدبرة روح محمد صلى اللّٰه عليه و سلم ثم صدرت الأرواح عند الحركات فكان لها وجود في عالم الغيب دون عالم الشهادة و أعلمه اللّٰه بنبوته و بشره بها و آدم لم يكن إلا كما قال بين الماء و الطين و انتهى الزمان بالاسم الباطن في حق محمد صلى اللّٰه عليه و سلم إلى وجود جسمه و ارتباط الروح به انتقل حكم الزمان في جريانه إلى الاسم الظاهر فظهر محمد صلى اللّٰه عليه و سلم بذاته جسما و روحا فكان الحكم له باطنا أولا في جميع ما ظهر من الشرائع على أيدي الأنبياء و الرسل سلام اللّٰه عليهم أجمعين ثم صار الحكم له ظاهرا فنسخ كل شرع أبرزه الاسم الباطن بحكم الاسم الظاهر لبيان اختلاف حكم الاسمين و إن كان المشرع واحدا و هو صاحب الشرع فإنه قال كنت نبيا و ما قال كنت إنسانا و لا كنت موجودا و ليست النبوة إلا بالشرع المقرر عليه من عند اللّٰه فأخبر أنه صاحب

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست