responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 139

فما كثف منه كان هواء و ما كثف من الهواء كان ماء و ما كثف من الماء كان ترابا و قالت طائفة ركن الهواء هو الأصل فما سخف منه كان نارا و ما كثف منه كان ماء و قالت طائفة ركن الماء هو الأصل و قالت طائفة ركن التراب هو الأصل و قالت طائفة الأصل أمر خامس ليس واحدا من هذه الأربعة و هذا هو الذي جعلناه بمنزلة ملك اليمين فعمت شريعتنا في النكاح أتم المذاهب ليندرج فيها جميع المذاهب

[نظرية الأصل الخامس]

و هذا المذهب بالأصل الخامس هو الصحيح عندنا و هو المسمى بالطبيعة فإن الطبيعة معقول واحد عنها ظهر ركن النار و جميع الأركان فيقال ركن النار من الطبيعة ما هو عينها و لا يصح أن يكون المجموع الذي هو عين الأربعة فإن بعض الأركان منافر للآخر بالكلية و بعضها منافر لغيره بأمر واحد كالنار و الماء متنافران من جميع الوجوه و الهواء و التراب كذلك و لهذا رتبها اللّٰه في الوجود ترتيبا حكيما لأجل الاستحالات فلو جعل المنافر مجاورا لمنافره لما استحال إليه و تعطلت الحكمة فجعل الهواء يلي ركن النار و الجامع بينهما الحرارة و جعل الماء يلي الهواء و الجامع بينهما الرطوبة و جعل التراب يلي الماء و الجامع بينهما البرودة فالمحيل أب و المستحيل أم و الاستحالة نكاح و الذي استحال إليها ابن فالمتكلم أب و السامع أم و التكلم نكاح و الموجود من ذلك في فهم السامع ابن فكل أب علوي فإنه مؤثر و كل أم سفلية فإنها مؤثر فيها و كل نسبة بينهما معينة نكاح و توجه و كل نتيجة ابن و من هنا يفهم قول المتكلم لمن يريد قيامه قم فيقوم المراد بالقيام عن أثر لفظة قم فإن لم يقم السامع و هو أم بلا شك فهو عقيم و إذا كان عقيما فليس بأم في تلك الحالة

[الأب الأول. الام الاولى. النكاح الأول]

و هذا الباب إنما يختص بالأمهات فأول الآباء العلوية معلوم و أول الأمهات السفلية شيئية المعدوم الممكن و أول نكاح القصد بالأمر و أول ابن وجود عين تلك الشيئية التي ذكرنا فهذا أب ساري الأبوة و تلك أم سارية الأمومة و ذلك النكاح سار في كل شيء و النتيجة دائمة لا تنقطع في حق كل ظاهر العين فهذا يسمى عندنا النكاح الساري في جميع الذراري يقول اللّٰه تعالى في الدليل على ما قلناه إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ و لنا فيه كتاب شريف منيع الحمى البصير فيه أعمى فكيف من حل به العمي فلو رأيت تفصيل هذا المقام و توجهات هذه الأسماء الإلهية الأعلام لرأيت أمرا عظيما و شاهدت مقاما هائلا جسيما فلقد تنزه العارفون بالله و بصنعه الجميل

[العقل الكلي و النفس الكلية]

بأولى و بعد أن أشرت إلى فهمك الثاقب و نظرك الصائب بالأب الأول الساري و هو الاسم الجامع الأعظم الذي تتبعه جميع الأسماء في رفعه و نصبه و خفضه الساري حكمه و الأم الأولية الآخرية السارية في نسبة الأنوثة في جميع الأبناء فلنشرع في الآباء الذين هم أسباب موضوعة بالوضع الإلهي و الأمهات و اتصالهما بالنكاح المعنوي و الحسي المشروع حتى يكون الأبناء أبناء حلال إلى أن أصل إلى التناسل الإنساني و هو آخر نوع تكون و أول مبدع بالقصد تعين فنقول إن العقل الأول الذي هو أول مبدع خلق و هو القلم الأعلى و لم يكن ثم محدث سواه و كان مؤثرا فيه بما أحدث اللّٰه فيه من انبعاث اللوح المحفوظ عنه كانبعاث حواء من آدم في عالم الأجرام ليكون ذلك اللوح موضعا و محلا لما يكتب فيه هذا القلم الأعلى الإلهي و تخطيط الحروف الموضوعة للدلالة على ما جعلها الحق تعالى أدلة عليه فكان اللوح المحفوظ أول موجود انبعاثي و قد ورد في الشرع أن أول ما خلق اللّٰه القلم ثم خلق اللوح و قال للقلم اكتب قال القلم و ما أكتب قال اللّٰه له اكتب و أنا أملي عليك فخط القلم في اللوح ما يملي عليه الحق و هو علمه في خلقه الذي يخلق إلى يوم القيامة

[النكاح المعنوي بين القلم و اللوح]

فكان بين القلم و اللوح نكاح معنوي معقول و أثر حسي مشهود و من هنا كان العمل بالحروف المرقومة عندنا و كان ما أودع في اللوح من الأثر مثل الماء الدافق الحاصل في رحم الأنثى و ما ظهر من تلك الكتابة من المعاني المودعة في تلك الحروف الجرمية بمنزلة أرواح الأولاد المودعة في أجسامهم فافهم وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ و جعل الحق في هذا اللوح العاقل عن اللّٰه ما أوحى به إليه المسبح بحمده الذي لا يفقه تسبيحه إلا من أعلمه اللّٰه به و فتح سمعه لما يورده كما فتح سمع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و من حضر من أصحابه لإدراك تسبيح الحصى في كفه الطاهرة الطيبة صلى اللّٰه عليه و سلم و إنما قلنا فتح سمعه إذ كان الحصى ما زال مذ خلقه اللّٰه مسبحا بحمد موجدة فكان خرق العادة في الإدراك السمعي لا فيه ثم أوجد فيه صفتين صفة علم و صفة عمل فبصفة العمل تظهر صور العالم عنه كما تظهر صورة التابوت للعين عند عمل النجار فبها يعطي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست