responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 135

الإنسانية كما أخذ الميثاق على بنى آدم قبل إيجاده أجسامهم و ألحقنا اللّٰه تعالى بأنبيائه بأن جعلنا شهداء على أممهم معهم حين يبعث من كل أمة شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ و هم الرسل فكانت الأنبياء في العالم نوابه صلى اللّٰه عليه و سلم من آدم إلى آخر الرسل عليهم السلام و قد أبان صلى اللّٰه عليه و سلم عن هذا المقام بأمور منها

قوله صلى اللّٰه عليه و سلم و اللّٰه لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني و

قوله في نزول عيسى بن مريم في آخر الزمان إنه يؤمنا أي يحكم فينا بسنة نبينا ع و يكسر الصليب و يقتل الخنزير و لو كان محمد صلى اللّٰه عليه و سلم قد بعث في زمان آدم لكانت الأنبياء و جميع الناس تحت حكم شريعته إلى يوم القيامة حسا و لهذا لم ببعث عامة إلا هو خاصة فهو الملك و السيد و كل رسول سواه فبعث إلى قوم مخصوصين فلم تعم رسالة أحد من الرسل سوى رسالته صلى اللّٰه عليه و سلم فمن زمان آدم ع إلى زمان بعث محمد صلى اللّٰه عليه و سلم إلى يوم القيامة ملكه و تقدمه في الآخرة على جميع الرسل و سيادته فمنصوص على ذلك في الصحيح عنه

[روحانية محمد مع كل نبي و رسول]

فروحانيته صلى اللّٰه عليه و سلم موجودة و روحانية كل نبي و رسول فكان الإمداد يأتي إليهم من تلك الروح الطاهرة بما يظهرون به من الشرائع و العلوم في زمان وجودهم رسلا و تشريعه الشرائع كعلي و معاذ و غيرهما في زمان وجودهم و وجوده صلى اللّٰه عليه و سلم و كإلياس و خضر عليهما السلام و عيسى ع في زمان ظهوره في آخر الزمان حاكما بشرع محمد صلى اللّٰه عليه و سلم في أمته المقرر في الظاهر لكن لما لم يتقدم في عالم الحس وجود عينه صلى اللّٰه عليه و سلم أولا نسب كل شرع إلى من بعث به و هو في الحقيقة شرع محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و إن كان مفقود العين من حيث لا يعلم ذلك كما هو مفقود العين الآن و في زمان نزول عيسى ع و الحكم بشرعه

[شرع محمد ناسخ لجميع الشرائع]

و أما نسخ اللّٰه بشرعه جميع الشرائع فلا يخرج هذا النسخ ما تقدم من الشرائع أن يكون من شرعه فإن اللّٰه قد أشهدنا في شرعه الظاهر المنزل به صلى اللّٰه عليه و سلم في القرآن و السنة النسخ مع إجماعنا و اتفاقنا على إن ذلك المنسوخ شرعه الذي بعث به إلينا فنسخ بالمتأخر المتقدم فكان تنبيها لنا هذا النسخ الموجود في القرآن و السنة على إن نسخه لجميع الشرائع المتقدمة لا يخرجها عن كونها شرعا له و كان نزول عيسى ع في آخر الزمان حاكما بغير شرعه أو بعضه الذي كان عليه في زمان رسالته و حكمه بالشرع المحمدي المقرر اليوم دليلا على أنه لا حكم لأحد اليوم من الأنبياء عليهم السلام مع وجود ما قرره صلى اللّٰه عليه و سلم في شرعه و يدخل في ذلك ما هم عليه أهل الذمة من أهل الكتاب ما داموا يعطون اَلْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صٰاغِرُونَ فإن حكم الشرع على الأحوال

[سيادة محمد على جميع بني آدم]

فخرج من هذا المجموع كله أنه ملك و سيد على جميع بنى آدم و أن جميع من تقدمه كان ملكا له و تبعا و الحاكمون فيه نواب عنه فإن قيل

فقوله صلى اللّٰه عليه و سلم لا تفضلوني فالجواب نحن ما فضلناه بل اللّٰه فضله فإن ذلك ليس لنا و إن كان قد ورد أُولٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّٰهُ فَبِهُدٰاهُمُ اقْتَدِهْ لما ذكر الأنبياء عليهم السلام فهو صحيح فإنه قال فَبِهُدٰاهُمُ و هداهم من اللّٰه و هو شرعه صلى اللّٰه عليه و سلم أي ألزم شرعك الذي ظهر به نوابك من إقامة الدين وَ لاٰ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ فلم يقل فبهم اقتده و في قوله وَ لاٰ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ تنبيه على أحدية الشرائع و قوله اِتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرٰاهِيمَ و هو الدين فهو مأمور باتباع الدين فإن الدين إنما هو من اللّٰه لا من غيره و انظروا في

قوله ع لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني فأضاف الاتباع إليه و أمر هو صلى اللّٰه عليه و سلم باتباع الدين و هدى الأنبياء لا بهم فإن الإمام الأعظم إذا حضر لا يبقى لنائب من نوابه حكم الإله فإذا غاب حكم النواب بمراسمه فهو الحاكم غيبا و شهادة و ما أوردنا هذه الأخبار و التنبيهات إلا تأنيسا لمن لا يعرف هذه المرتبة من كشفه و لا أطلعه اللّٰه على ذلك من نفسه

[شواهد أهل اللّٰه]

و أما أهل اللّٰه فهم على ما نحن عليه فيه قد قامت لهم شواهد التحقيق على ذلك من عند ربهم في نفوسهم و إن كان يتصور على جميع ما أوردناه في ذلك احتمالات كثيرة فذلك راجع إلى ما تعطيه الألفاظ من القوة في أصل وضعها لا ما هو عليه الأمر في نفسه عند أهل الأذواق الذين يأخذون العلم عن اللّٰه كالخضر و أمثاله فإن الإنسان ينطق بالكلام يريد به معنى واحدا مثلا من المعاني التي يتضمنها ذلك الكلام فإذا فسر بغير مقصود المتكلم من تلك المعاني فإنما فسر المفسر بعض ما تعطيه قوة اللفظ و إن كان لم يصب مقصود المتكلم أ لا ترى الصحابة كيف شق عليهم قوله تعالى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمٰانَهُمْ بِظُلْمٍ فأتى به نكرة فقالوا و أينا لم يلبس إيمانه بظلم فهؤلاء الصحابة و هم العرب الذين نزل القرآن بلسانهم ما عرفوا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست