responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 132

أوجده اللّٰه منهما و إن كان فيه بقية الأركان و لكن ليس لها ذلك السلطان و هو الهواء و النار كما في الجان من بقية الأركان و لذا سمي ما رجا و لكن ليس لها في نشأته ذلك السلطان و أعطى آدم التواضع للطينية بالطبع فإن تكبر فلأمر يعرض له يقبله بما فيه من النارية كما يقبل اختلاف الصور في خياله و في أحواله من الهوائية و أعطى الجان التكبر بالطبع للنارية فإن تواضع فلأمر يعرض له يقبله بما فيه من الترابية كما يقبل الثبات على الإغواء إن كان شيطانا و الثبات على الطاعات إن لم يكن شيطانا

[الجان عند تلاوة سورة الرحمن]

و

قد أخبر النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لما تلا سورة الرحمن على أصحابه قال إني تلوتها على الجن فكانوا أحسن استماعا لها منكم فكانوا يقولون و لا بشيء من آلاء ربنا نكذب إذ قلت فَبِأَيِّ آلاٰءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ ثابتين عليه ما تزلزلوا عند ما كان يقول لهم ع في تلاوته فَبِأَيِّ آلاٰءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ و ذلك بما فيه من الترابية و بما فيه من المائية ذهبت بحمية النارية فمنهم الطائع و العاصي مثلنا و لهم التشكل في الصور كالملائكة

[الصورة الاصلية التي ينسب إليها الروحاني]

و أخذ اللّٰه بأبصارنا عنهم فلا نراهم إلا إذا شاء اللّٰه أن يكشف لبعض عباده فيراهم و لما كانوا من عالم السخافة و اللطف قبلوا التشكيل فيما يريدونه من الصور الحسية فالصورة الأصلية التي ينسب إليها الروحاني إنما هي أول صورة قبل عند ما أوجده اللّٰه ثم تختلف عليه الصور بحسب ما يريد أن يدخل فيها و لو كشف اللّٰه عن أبصارنا حتى نرى ما تصوره القوة المصورة التي و كلها اللّٰه بالتصوير في خيال المتخيل منا لرأيت مع الأناة الإنسان في صور مختلفة لا يشبه بعضها بعضا

[التناسل في الجان و الإنسان]

و لما نفخ الروح في اللهب و هو كثير الاضطراب لسخافته و زاده النفخ اضطرابا و غلب الهواء عليه و عدم قراره على حالة واحدة ظهر عالم الجان على تلك الصورة و كما وقع التناسل في البشر بإلقاء الماء في الرحم فكانت الذرية و التوالد في هذا الصنف البشري الآدمي كذلك وقع التناسل في الجان بإلقاء الهواء في رحم الأنثى منهم فكانت الذرية و التوالد في صنف الجان و كان وجودهم بالقوس و هو ناري هكذا ذكر الوارد حفظه اللّٰه

[ما بين خلق الجان و الإنسان من السنين]

فكان بين خلق الجان و خلق آدم ستون ألف سنة و كان ينبغي على ما يزعم بعض الناس أن ينقطع التوالد من الجان بعد انقضاء أربعة آلاف سنة و ينقضي التوالد من البشر بعد انقضاء سبعة آلاف سنة و لم يقع الأمر على ذلك بل الأمر راجع إلى ما يريده اللّٰه فالتوالد في الجن إلى اليوم باق و كذلك فينا فتحقق بهذا كم لآدم من السنين و كم بقي إلى انقضاء الدنيا و فناء البشر عن ظهرها و انقلابهم إلى الدار الآخرة و ليس هذا بمذهب الراسخين في العلم و إنما قال به شرذمة لا يعتد بقولها

[الجان برزخ بين الملك و الإنسان]

فالملائكة أرواح منفوخة في أنوار و الجان أرواح منفوخة في رياح و الأناسي أرواح منفوخة في أشباح و يقال إنه لم يفصل عن الموجود الأول من الجان أنثى كما فصلت حواء من آدم قال بعضهم إن اللّٰه خلق للموجود الأول من الجان فرجا في نفسه فنكح بعضه ببعضه فولد مثل ذرية آدم ذكرانا و إناثا ثم نكح بعضهم بعضا فكان خلقه خنثى و لذلك هم الجان من عالم البرزخ لهم شبه بالبشر و شبه بالملائكة كالخنثى يشبه الذكر و يشبه الأنثى و قد روينا فيما رويناه من الأخبار عن بعض أئمة الدين أنه رأى رجلا و معه ولدان و كان خنثى الواحد من ظهره و الآخر من بطنه نكح فولد له و نكح فولد و سمي خنثى من الانخناث و هو الاسترخاء و الرخاوة عدم القوة و الشدة فلم تقو فيه قوة الذكورية فيكون ذكرا و لم تقو فيه قوة الأنوثة فيكون أنثى فاسترخى عن هاتين القوتين فسمي خنثى و اللّٰه أعلم

[غذاء الجان و نكاحهم]

و لما غلب على الجان عنصر الهواء و النار لذلك كان غذاؤهم ما يحمله الهواء مما في العظام من الدسم فإن اللّٰه جاعل لهم فيها رزقا فإنا نشاهد جوهر العظم و ما يحمله من اللحم لا ينتقص منه شيء فعلمنا قطعا إن اللّٰه جاعل لهم فيها رزقا و لهذا

قال النبي صلى اللّٰه عليه و سلم في العظام إنها زاد إخوانكم من الجن و في حديث إن اللّٰه جاعل لهم فيها رزقا و أخبرني بعض المكاشفين أنه رأى الجن يأتون إلى العظم فيشمونه كما تشم السباع ثم يرجعون و قد أخذوا رزقهم و غذاؤهم في ذلك الشم فسبحان اللطيف الخبير و أما اجتماع بعضهم ببعض عند النكاح فالتواء مثل ما تبصر الدخان الخارج من الأتون أو من فرن الفخار يدخل بعضه في بعضه فيلتذ كل واحد من الشخصين بذلك التداخل و يكون ما يلقونه كلقاح النخلة بمجرد الرائحة كغذائهم سواء

[قبائل الجان و عشائرهم]

و هم قبائل و عشائر و قد ذكر أنهم محصورون في اثنتي عشرة قبيلة أصولا ثم يتفرعون إلى أفخاذ و تقع بينهم حروب عظيمة و بعض الزوابع قد يكون عين حربهم فإن الزوبعة تقابل ريحين تمنع كل واحدة صاحبتها أن تخترقها فيؤدي ذلك المنع إلى الدور

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست