responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 130

إليه الرسل من الملوك منه و هو كثير الحركة هين لين يصل إليه كل أحد يتلطف في النزول لكنه إذا غضب لم يقم لغضبه شيء أعطاه اللّٰه من القوة ما شاء و رأيت لبحرها ملكا منيع الحمى يدعي السابح هو قليل المجالسة مع من يقصد إليه و ما له ذلك الالتفات إلى أحد غير أنه مع ما يخطر له لا مع ما يراد منه و يجاوره سلطان عظيم اسمه السابق إذا دخل عليه الوافد قام إليه من مجلسه و بش في وجهه و أظهر السرور بقدومه و قام له بجميع ما يحتاج إليه من قبل أن يسأله عن شيء فقلت له في ذلك فقال لي أكره أن أرى في وجه السائل ذلة السؤال لمخلوق غيرة أن يذل أحد لغير اللّٰه و ما كل أحد يقف مع اللّٰه على قدم التوحيد و إن أكثر الوجوه مصروفة إلى الأسباب الموضوعة مع الحجاب عن اللّٰه فهذا يجعلني أن أبادر إلى ما ترى من كرامة الوافد قال و دخلت على ملك آخر يدعي القائم بأمر اللّٰه لا يلتفت إلى الوافد عليه لاستيلاء عظمة الحق على قلبه فلا يشعر بالوافد و ما يفد عليه من يفد من العارفين إلا لينظروا إلى حاله التي هو عليها تراه واقفا قد عقد يديه إلى صدره عقد العبد الذليل الجاني مطرقا إلى موضع قدميه لا تتحرك منه شعرة و لا يضطرب منه مفصل كما قيل في قوم هذه حالتهم مع سلطانهم

كأنما الطير منهم فوق أ رءوسهم لا خوف ظلم و لكن خوف إجلال
يتعلم العارفون منه حال المراقبة قال و رأيت ملكا يدعي بالرداع مهيب المنظر لطيف المخبر شديد الغيرة دائم الفكرة فيما كلف النظر فيه إذا رأى أحدا يخرج عن طريق الحق رده إلى الحق قال صحبته و انتفعت به و جالست من ملوكهم كثيرا و رأيت منهم من العجائب مما يرجع إلى ما عندهم من تعظيم اللّٰه ما لو سطرناه لأعيا الكاتب و السامع فاقتصرنا على هذا القدر من عجائب هذه الأرض و مدائنها لا تحصى كثرة و مدائنها أكثر من ضياعها و جميع من يملكها من الملوك ثمانية عشر سلطانا منهم من ذكرنا و منهم من سكتنا عنه و لكل سلطان سيرة و أحكام ليست لغيره

[ترتيب مملكة أرض الحقيقة]

قال و حضرت يوما في ديوانهم لأرى ترتيبهم فمما رأيت أن الملك منهم هو الذي يقوم برزق رعيته بلغوا ما بلغوا فرأيتهم إذا استوى الطعام وقف خلق لا يحصى عددهم كثرة يسمونهم الجباة و هم رسل أهل كل بيت فيعطيه الأمين من المطبخ على قدر عائلته و يأخذه الجابي و ينصرف و أما الذي يقسمه عليهم شخص واحد لا غير له من الأيدي على قدر الجباة فيغرف في الزمن الواحد لكل شخص طعامه في وعائه و ينصرف و ما فضل من ذلك يرفع إلى خزانة فإذا فرغ منهم ذلك القاسم دخل الخزانة و أخذ ما فضل و خرج به إلى الصعاليك الذين على باب دار الملك فيلقيه إليهم فيأكلوه و هكذا في كل يوم و لكل ملك شخص حسن الهيئة هو على الخزانة يدعونه الخازن بيده جميع ما يملكه ذلك الملك و من شرعهم أنه إذا ولاة ليس له عزله و رأيت فيهم شخصا أعجبتني حركاته و هو جالس إلى جانب الملك و كنت على يمين الملك فسألته ما منزلة هذا عندكم فتبسم و قال أعجبك قلت له نعم قال هذا المعمار الذي يبني لنا المساكن و المدن و جميع ما تراه من آثار عمله و رأيت في سوق صيارفهم أنه لا ينتقد لهم سكتهم إلا واحد في المدينة كلها و فيما تحت يد ذلك الملك من المدن

[المستحيل في دار الدنيا جائز واقع في أرض الحقيقة]

قال و هكذا رأيت سيرتهم في كل أمر لا يقوم به إلا واحد لكن له وزعة و أهل هذه الأرض أعرف الناس بالله و كل ما أحاله العقل بدليله عندنا وجدناه في هذه الأرض ممكنا قد وقع و إن اللّٰه على كل شيء قدير فعلمنا إن العقول قاصرة و إن اللّٰه قادر على جمع الضدين و وجود الجسم في مكانين و قيام العرض بنفسه و انتقاله و قيام المعنى بالمعنى و كل حديث و آية وردت عندنا مما صرفها العقل عن ظاهرها وجدناها على ظاهرها في هذه الأرض و كل جسد يتشكل فيه الروحاني من ملك و جن و كل صورة يرى الإنسان فيها نفسه في النوم فمن أجساد هذه الأرض لها من هذه الأرض موضع مخصوص و لهم رقائق ممتدة إلى جميع العالم و على كل رقيقة أمين فإذا عاين ذلك الأمين روحا من الأرواح قد استعد لصورة من هذه الصور التي بيده كساه إياها كصورة دحية لجبريل و سبب ذلك أن هذه الأرض مدها الحق تعالى في البرزخ و عين منها موضعا لهذه الأجساد التي تلبسها الروحانيات و تنتقل إليها النفوس عند النوم و بعد الموت فنحن من بعض عالمها و من هذه الأرض طرف يدخل في الجنة يسمى السوق و نحن نبين لك مثال صورة امتداد الطرف الذي يلي العالم من هذه الأرض و ذلك أن الإنسان إذا نظر إلى السراج أو الشمس و القمر ثم حال بأهداب أجفانه بين الناظر و الجسم المستنير يبصر من ذلك الجسم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست