responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 128

منا في هذه الدنيا لهلك لقوة رائحته تمتد ما شاء اللّٰه إن تمتد و دخلت في هذه الأرض أرضا من الذهب الأحمر اللين فيها أشجار كلها ذهب و ثمرها ذهب فيأخذ التفاحة أو غيرها من الثمر فيأكلها فيجد من لذة طعمها و حسن رائحتها و نعمتها ما لا يصفها واصف تقصر فاكهة الجنة عنها فكيف فاكهة الدنيا و الجسم و الشكل و الصورة ذهب و الصورة و الشكل كصورة الثمرة و شكلها عندنا و تختلف في الطعم و في الثمرة من النقش البديع و الزينة الحسنة ما لا تتوهمه نفس فأحرى إن تشهده عين و رأيت من كبر ثمرها بحيث لو جعلت الثمرة بين السماء و الأرض لحجبت أهل الأرض عن رؤية السماء و لو جعلت على الأرض لفضلت عليها أضعافا و إذا قبض عليها الذي يريد أكلها بهذه اليد المعهودة في القدر عمها بقبضته لنعمتها ألطف من الهواء يطبق عليها يده مع هذا العظم و هذا مما تحيله العقول هنا في نظرها و لما شاهدها ذو النون المصري نطق بما حكي عنه من إيراد الكبير على الصغير من غير أن يصغر الكبير أو يكبر الصغير أو يوسع الضيق أو يضيق الواسع فالعظم في التفاحة على ما ذكرته باق و القبض عليها باليد الصغيرة و الإحاطة بها موجود و الكيفية مشهودة مجهولة لا يعرفها إلا اللّٰه و هذا العلم مما انفرد الحق به و اليوم الواحد الزماني عندنا هو عدة سنين عندهم و أزمنة تلك الأرض مختلفة قال و دخلت فيها أرضا من فضة بيضاء في الصورة ذات شجر و أنهار و ثمر شهي كل ذلك فضة و أجسام أهلها منها كلها فضة و كذلك كل أرض شجرها و ثمرها و أنهارها و بحارها و خلقها من جنسها فإذا تنوولت و أكلت وجد فيها من الطعم و الروائح و النعمة مثل سائر المأكولات غير أن اللذة لا توصف و لا تحكي و دخلت فيها أرضا من الكافور الأبيض و هي في أماكن منها أشد حرارة من النار يخوضها الإنسان و لا تحرقه و أماكن منها معتدلة و أماكن باردة و كل أرض من هذه الأرضين التي هي أماكن في هذه الأرض الكبيرة لو جعلت السماء فيها لكانت كحلقة في فلاة بالنسبة إليها و ما في جميع أراضيها أحسن عندي و لا أوفق لمزاجي من أرض الزعفران و ما رأيت عالما من عالم كل أرض أبسط نفوسا منهم و لا أكثر بشاشة بالوارد عليهم يتلقونه بالترحيب و التأهيل و من عجائب مطعوماتها أنه أي شيء أكلت منها إذا قطعت من الثمرة قطعة نبتت في زمان قطعك إياها مكانها ما سد تلك الثلمة أو تقطف بيدك ثمرة من ثمرها فزمان قطفك إياها يتكون مثلها بحيث لا يشعر بها إلا الفطن فلا يظهر فيها نقص أصلا

[نساء الأرض الحقيقة و بحارها و مراكبها]

و إذا نظرت إلى نسائها ترى أن النساء الكائنين في الجنة من الحور بالنسبة إليهن كنسائنا من البشر بالنسبة إلى الحور في الجنان و أما مجامعتهن فلا يشبه لذتها لذة و أهلها أعشق الخلق فيمن برد عليهم و ليس عندهم تكليف بل هم مجبولون على تعظيم الحق و جلاله تعالى لو راموا خلاف ذلك ما استطاعوا و أما أبنيتهم فمنها ما يحدث عن همهم و منها ما يحدث كما تبنى عندنا من اتخاذ الآلات و حسن الصنعة ثم إن بحارها لا يمتزج بعضها ببعض كما قال تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيٰانِ بَيْنَهُمٰا بَرْزَخٌ لاٰ يَبْغِيٰانِ فتعاين منتهى بحر الذهب تصطفق أمواجه و يباشره بالمجاورة بحر الحديد فلا يدخل من واحد في الآخر شيء و ماؤهم ألطف من الهواء في الحركة و السيلان و هو من الصفاء بحيث أن لا يخفى عنك من دوابه و لا من الأرض التي يجري البحر عليها شيء فإذا أردت أن تشرب منه وجدت له من اللذة ما لا تجده لمشروب أصلا و خلقها ينبتون فيها كسائر النباتات من غير تناسل بل يتكونون من أرضها تكون الحشرات عندنا و لا ينعقد من مائهم في نكاحهم ولد و إن نكاحهم إنما هو لمجرد الشهوة و النعيم و أما مراكبهم فتعظم و تصغر بحسب ما يريده الراكب و إذا سافروا من بلد إلى بلد فإنهم يسافرون برا و بحرا و سرعة مشيهم في البر و البحر أسرع من إدراك البصر للمبصر و خلقها متفاوتون في الأحوال ففيهم من تغلب عليهم الشهوات و فيهم من يغلب عليهم تعظيم جناب الحق و رأيت فيها ألوانا لا أعرفها في ألوان الدنيا و رأيت فيها معادن تشبه الذهب و ما هي بذهب و لا نحاس و أحجارا من اللآلي ينفذها البصر لصفائها شفافة من اليواقيت الحمر

[عجائب أرض الحقيقة]

و من أعجب ما فيها إدراك الألوان في الأجسام السفلية التي هي كالهواء و يتعلق الإدراك بألوانها كما يتعلق بالألوان التي في الأجسام الكثيفة و على أبواب مدائنها عقود من الأحجار الياقوتية كل حجر منها يزيد على الخمسمائة ذراع و علو الباب في الهواء عظيم و عليه معلق من الأسلحة و العدد ما لو اجتمع ملك الأرض كلها ما و في بها و عندهم ظلمة و نور من غير شمس تتعاقب و بتعاقبهما يعرفون الزمان و ظلمتهم لا تحجب البصر عن مدركه كما لا يحجبه النور و يغزو بعضهم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست