responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 124

الأضعف و الأمام و هو ما يلي الوجه و يقابله الخلف و هو ما يلي القفا و صوره و عدله و سواه ثم نفخ فيه من روحه المضاف إليه فحدث عند هذا النفخ فيه بسريانه في أجزائه أركان الأخلاط التي هي الصفراء و السوداء و الدم و البلغم فكانت الصفراء عن الركن الناري الذي أنشأه اللّٰه منه في قوله تعالى مِنْ صَلْصٰالٍ كَالْفَخّٰارِ و كانت السوداء عن التراب و هو قوله خَلَقَهُ مِنْ تُرٰابٍ و كان الدم من الهواء و هو قوله مَسْنُونٍ و كان البلغم من الماء الذي عجن به التراب فصار طينا ثم أحدث فيه القوة الجاذبة التي بها يجذب الحيوان الأغذية ثم القوة الماسكة و بها يمسك ما يتغذى به الحيوان ثم القوة الهاضمة و بها يهضم الغذاء ثم القوة الدافعة و بها يدفع الفضلات عن نفسه من عرق و بخار و رياح و براز و أمثال ذلك و أما سريان الأبخرة و تقسيم الدم في العروق من الكبد و ما يخلصه كل جزء من الحيوان فبالقوة الجاذبة لا الدافعة فحظ القوة الدافعة ما نخرجه كما قلنا من الفضلات لا غير ثم أحدث فيه القوة الغاذية و المنمية و الحاسية و الخيالية و الوهمية و الحافظة و الذاكرة و هذا كله في الإنسان بما هو حيوان لا بما هو إنسان فقط غير أن هذه القوي الأربعة قوة الخيال و الوهم و الحفظ و الذكر هي في الإنسان أقوى منها في الحيوان ثم خص آدم الذي هو الإنسان بالقوة المصورة و المفكرة و العاقلة فتميز عن الحيوان و جعل هذه القوي كلها في هذا الجسم آلات للنفس الناطقة لتصل بذلك إلى جميع منافعها المحسوسة و المعنوية ثم أنشأه خلقا آخر و هو الإنسانية فجعله دراكا بهذه القوي حيا عالما قادرا مريدا متكلما سميعا بصيرا على حد معلوم معتاد في اكتسابه فَتَبٰارَكَ اللّٰهُ أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ ثم إنه سبحانه ما سمي نفسه باسم من الأسماء إلا و جعل للإنسان من التخلق بذلك الاسم حظا منه يظهر به في العالم على قدر ما يليق به و لذلك تأول بعضهم

قوله ع إن اللّٰه خلق آدم على صورته على هذا المعنى و أنزله خليفة عنه في أرضه إذ كانت الأرض من عالم التغيير و الاستحالات بخلاف العالم الأعلى فيحدث فيهم من الأحكام بحسب ما يحدث في العالم الأرضي من التغيير فيظهر لذلك حكم جميع الأسماء الإلهية فلذلك كان خليفة في الأرض دون السماء و الجنة ثم كان من أمره ما كان من علم الأسماء و سجود الملائكة و إباية إبليس يأتي ذكر ذلك كله في موضعه إن شاء اللّٰه

[الجسوم الانسانية و أنواعها]

فإن هذا الباب مخصوص بابتداء الجسوم الإنسانية و هي أربعة أنواع جسم آدم و جسم حواء و جسم عيسى و أجسام بنى آدم و كل جسم من هذه الأربعة نشؤه يخالف نشء الآخر في السببية مع الاجتماع في الصورة الجسمانية و الروحانية و إنما سقنا هذا و نبهنا عليه لئلا يتوهم الضعيف العقل أن القدرة الإلهية أو أن الحقائق لا تعطي أن تكون هذه النشأة الإنسانية إلا عن سبب واحد يعطي بذاته هذا النشء فرد اللّٰه هذه الشبهة بأن أظهر هذا النشء الإنساني في آدم بطريق لم يظهر به جسم حواء و أظهر جسم حواء بطريق لم يظهر جسم ولد آدم و أظهر جسم أولاد آدم بطريق لم يظهر به جسم عيسى ع و ينطلق على كل واحد من هؤلاء اسم الإنسان بالحد و الحقيقة ذلك ليعلم أَنَّ اللّٰهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ و أَنَّهُ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ثم إن اللّٰه قد جمع هذه الأربعة الأنواع من الخلق في آية من القرآن في سورة الحجرات فقال يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ إِنّٰا خَلَقْنٰاكُمْ يريد آدم مِنْ ذَكَرٍ يريد حواء وَ أُنْثىٰ يريد عيسى و من المجموع من ذكر و أنثى يريد بنى آدم بطريق النكاح و التوالد فهذه الآية من جوامع الكلم و فصل الخطاب الذي أوتي محمد صلى اللّٰه عليه و سلم

[جسم آدم و جسم حواء]

و لما ظهر جسم آدم كما ذكرناه و لم تكن فيه شهوة نكاح و كان قد سبق في علم الحق إيجاد التوالد و التناسل و النكاح في هذه الدار إنما هو لبقاء النوع فاستخرج من ضلع آدم من القصيري حواء فقصرت بذلك عن درجة الرجل كما قال تعالى وَ لِلرِّجٰالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ فما تلحق بهم أبدا و كانت من الضلع للانحناء الذي في الضلوع لتحنو بذلك على ولدها و زوجها فحنو الرجل على المرأة حنوه على نفسه لأنها جزء منه و حنو المرأة على الرجل لكونها خلقت من الضلع و الضلع فيه انحناء و انعطاف

[حب آدم و حب حواء]

و عمر اللّٰه الموضع من آدم الذي خرجت منه حواء بالشهوة إليها إذ لا يبقى في الوجود خلاء فلما عمره بالهواء حن إليها حنينه إلى نفسه لأنها جزء منه و حنت إليه لكونه موطنها الذي نشأت فيه فحب حواء حب الموطن و حب آدم حب نفسه و لذلك يظهر حب الرجل للمرأة إذ كانت عينه و أعطيت المرأة القوة المعبر عنها بالحياء في محبة الرجل فقويت على الإخفاء لأن الموطن لا يتحد بها اتحاد آدم بها فصور في ذلك الضلع جميع ما صوره و خلقه في جسم آدم فكان نشء جسم آدم في صورته كنشء الفاخوري فيما

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست