responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 115

فلم يبق في الوجود إلا الحضرة الإلهية خاصة غير أنه في قوله إِيّٰاكَ نَعْبُدُ في حق نفسه للإبداع الأول حيث لا يتصور غيره وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ في حق غيره للخلق المشتق منه و هو محل سر الخلافة ففي إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ سجدت الملائكة و أبى من استكبر

(وصل)في قوله تعالى اِهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرٰاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّٰالِّينَ

آمين فلما قال له إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ قال له و ما عبادتي قال ثبوت التوحيد في الجمع و التفرقة فلما استقر عند النفس أن النجاة في التوحيد الذي هو الصراط المستقيم و هو شهود الذات بفنائها أو بقائها إن غفلت قالت اِهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ فتعرض لها بقولها اَلْمُسْتَقِيمَ صراطان معوج و هو صراط الدعوى و مستقيم و هو التوحيد فلم يكن لها ميز بين الصراطين إلا بحسب السالكين عليهما فرأت ربها سالكا للمستقيم فعرفته به و نظرت نفسها فوجدت بينها و بين ربها الذي هو الروح مقاربة في اللطافة و نظرت إلى المعوج عند عالم التركيب فذلك قولها صِرٰاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ و هذا عالمها المتصل بها المركب مغضوب عليه و المنفصل عنها ضالون عنها بنظرهم إلى المتصل المغضوب عليه فوقفت على رأس الصراطين و رأت غاية المعوج الهلاك و غاية المستقيم النجاة و علمت إن عالمها يتبعها حيث سلكت فلما أرادت السلوك على المستقيم و أن تعتكف في حضرة ربها و أن ذلك لها و من نفسها بقولها إِيّٰاكَ نَعْبُدُ عجزت و قصر بها فطلبت الاستعانة بقولها وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ فنبهها ربها على اهدنا فتيقظت فقالت اِهْدِنَا فوصفت ما رأت بقولها اَلصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ الذي هو معرفة ذاتك قال صاحب المواقف لا تأثير للعلم و قال أنت لما هلكت فيه صِرٰاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ و قرئ في الشاذ صراط من أنعم عليه إشارة إلى الروح القدسي و تفسير الكل من أنعم اللّٰه عليه من رسول و نبي غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ليس كذلك وَ لاَ الضّٰالِّينَ يقول تعالى فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل فأجابها و أقام معوجها و أوضح صراطها و رفع بساطها يقول ربها أثر تمام دعائها آمين فحصلت الإجابة بالأمن تأمين الملائكة و صار تأمين الروح تابعا له اتباع الأجناد بل أطوع لكون الإرادة متحدة و صح لها النطق فسماها النفس الناطقة و هي عرش الروح و العقل صورة الاستواء فافهم و إلا فسلم تسلم وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(فصول تأنيس و قواعد تأسيس) [تأويل بعض آيات من أوائل سورة البقرة]

نظر الجمال بعين الوصال قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاٰ يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللّٰهُ عَلىٰ قُلُوبِهِمْ وَ عَلىٰ سَمْعِهِمْ وَ عَلىٰ أَبْصٰارِهِمْ غِشٰاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ إيجاز البيان فيه يا محمد إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ستروا محبتهم في عنهم ف‌ سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ بوعيدك الذي أرسلتك به أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاٰ يُؤْمِنُونَ بكلامك فإنهم لا يعقلون غيري و أنت تنذرهم بخلقي و هم ما عقلوه و لا شاهدوه و كيف يؤمنون بك و قد ختمت على قلوبهم فلم أجعل فيها متسعا لغيري و على سمعهم فلا يسمعون كلاما في العالم إلا مني وَ عَلىٰ أَبْصٰارِهِمْ غِشٰاوَةٌ من بهائي عند مشاهدتي فلا يبصرون سواى و لهم عذاب عظيم عندي أردهم بعد هذا المشهد السني إلى إنذارك و أحجبهم عني كما فعلت بك بعد قٰابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنىٰ قربا أنزلتك إلى من يكذبك و يرد ما جئت به إليه مني في وجهك و تسمع في ما يضيق له صدرك فأين ذلك الشرح الذي شاهدته في إسرائك فهكذا أمنائي على خلقي الذين أخفيتهم رضاي عنهم فلا أسخط عليهم أبدا

(بسط ما أوجزناه في
هذا الباب) [الأولياء في صفة الأعداء]

انظر كيف أخفى سبحانه أولياءه في صفة أعدائه و ذلك لما أبدع الأمناء من اسمه اللطيف و تجلى لهم في اسمه الجميل فأحبوه تعالى و الغيرة من صفات المحبة في المحبوب و المحب بوجهين مختلفين فستروا محبته غيره منهم عليه كالشبلي و أمثاله و سترهم بهذه الغيرة عن أن يعرفوا فقال تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أي ستروا ما بدا لهم في مشاهدتهم من أسرار الوصلة فقال لا بد أن أحجبكم عن ذاتي بصفاتي فتأهبوا لذلك فما استعدوا فأنذرتهم على ألسنة أنبيائي الرسل في ذلك العالم فما عرفوا لأنهم في عين الجمع و خاطبهم من عين التفرقة و هم ما عرفوا عالم التفصيل فلم يستعدوا و كان الحب قد استولى على قلوبهم سلطانه غيرة من الحق عليهم في ذلك الوقت فأخبر نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم روحا و قرآنا بالسبب الذي أصمهم عن إجابة ما دعاهم إليه فقال خَتَمَ اللّٰهُ عَلىٰ قُلُوبِهِمْ فلم يسعا غيره وَ عَلىٰ سَمْعِهِمْ فلا يسمعون سوى كلامه على ألسنة العالم فيشهدونه في العالم متكلما بلغاتهم وَ عَلىٰ أَبْصٰارِهِمْ غِشٰاوَةٌ من سناه إذ هو النور و بهائه إذ له الجلال و الهيبة يريد الصفة التي تجلى لهم فيها المتقدمة فأبقاهم غرقى في بحور اللذات بمشاهدة الذات فقال لهم لا بد لكم من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 115
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست