قوما قطّ أسرّ و لا سرورا قطّ أظهر من سرور رأيته بالشام حين أتاهم هلاك محمّد بن أبي بكر،فقال عليه السّلام:«أما إنّ حزننا عليه على قدر سرورهم به،لا بل يزيد أضعافا»و حزن عليه السّلام على محمّد حتى رؤي ذلك في وجهه و تبيّن فيه [1]-.
و روى أنّ محمّد بن أبي بكر استخرج من الخرابة و قد كاد يموت عطشا،فقال لهم:اسقوني من الماء،فقال له معاوية بن خديج:و اللّه لأقتلنّك فيسقيك اللّه الحميم و الغسّاق!قال له محمّد:يا ابن اليهوديّة النسّاجة ليس ذلك إليك،إنّما ذلك إلى اللّه تعالى يسقي أولياءه و يظمئ أعداءه.قال له معاوية:أ تدري ما أصنع بك؟ادخلك في جوف حمار ثمّ احرقه عليك بالنار،فقال:إن فعلتم ذلك فطالما فعل ذلك بأولياء اللّه، إنّ اللّه تعالى يحرقك و من ذكرته قبل[قلت:يعني عثمان،و كان ذكر معاوية له قبل أنّكم منعتم عثمان أن يشرب الماء]و إمامك-يعني معاوية بن أبي سفيان-و هذا -و أشار إلى عمرو بن العاص-بنار تلظّى عليكم،كلّما خبت زادها اللّه سعيرا.قال له:إنّما أقتلك بعثمان،قال له:و ما أنت و عثمان!إنّ عثمان عمل بالجور و نبذ حكم الكتاب،و قد قال تعالى: «وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْفٰاسِقُونَ» فنقمنا ذلك عليه فقتلناه،و حسّنت أنت له ذلك،فقد برّ أنا اللّه إن شاء اللّه من ذنبه،و أنت شريكه في إثمه و عظم ذنبه و جاعلك على مثاله.فغضب معاوية فقدّمه فقتله ثمّ ألقاه في جيفة حمار ثمّ أحرقه [2].
و في الطبري روى ابن عائشة التيمي عن رجاله عن كثير النّوا:أنّ أبا بكر خرج في حياة النبيّ عليه السّلام في غزاة فرأت أسماء بنت عميس-و هي تحته-كأنّ أبا بكر متخضب بالحنّاء رأسه و لحيته و عليه ثياب بيض،فجاءت إلى عائشة فأخبرتها فبكت و قالت:إن صدقت رؤياك فقد قتل أبو بكر،إنّ خضابه الدم و إنّ ثيابه أكفانه،فدخل النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و هي تبكي،فقال:ما أبكاها؟قالوا:أسماء ذكرت رؤيا رأتها لأبي بكر، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله:ليس كما عبّرت عائشة،يرجع أبو بكر صالحا فتحمل منه