أعوانكم عليه!(إلى أن قال)و لقد علمت أنّ الأمر لكم،و لكن قومكم دفعوكم عنه و اختزلوا دونكم،فو اللّه ما أدري أ رفعوه عنكم؟أم رفعوكم عنه؟قال ابن عبّاس:مهلا!(إلى أن قال)فأمّا صرف قومنا عنّا الأمر:فعن حسد قد و اللّه عرفته و بغي و اللّه علمته،و اللّه بيننا و بين قومنا!و أمّا قولك:«إنّك لا تدري أ رفعوه عنّا،أم رفعونا عنه»فلعمري!إنّك لتعرف أنّ هذا الأمر لو صار إلينا ما ازددنا به فضلا إلى فضلنا و لا قدرا إلى قدرنا،و إنّا لأهل الفضل و أهل القدر، ما فضل فاضل إلاّ بفضلنا و لا سبق سابق إلاّ بسبقنا،و لو لا هدانا ما اهتدى أحد و لا أبصر من عمى؛الخبر [1].
و روى المفيد في أماليه:أنّ ابن عبّاس حضر مجلس معاوية،فقال له معاوية:إنّكم تريدون أن تحرزوا الإمامة كما اختصصتم بالنبوّة،و اللّه لا تجتمعان أبدا!إنّ حجّتكم في الخلافة مشتبهة على الناس،إنّكم تقولون:
«نحن أهل بيت النبيّ فما بال خلافة النبوّة في غيرنا»؟و هذه شبهة،لأنّها تشبه الحقّ و بها مسحة من العدل،و ليس الأمر كما تظنّون؛إنّ الخلافة تتقلّب في أحياء قريش برضى العامّة و شورى الخاصّة،و لسنا نجد الناس يقولون ليت بني هاشم ولّونا و لو ولّونا كانوا خيرا لنا في دنيانا و آخرتنا،و لو كنتم زهدتم فيها أمس-كما تقولون-ما قاتلتم عليها اليوم؛و و اللّه لو ملكتموها يا بني هاشم لما كانت ريح عاد و صاعقة ثمود بأهلك للناس منكم.
فقال ابن عبّاس:أمّا قولك:«إنّا نحتجّ بالنبوّة في استحقاق الخلافة»فهو و اللّه كذلك،فان لم تستحقّ الخلافة بالنبوّة فبم تستحقّ؟
و أمّا قولك:«إنّ الخلافة و النبوّة لا تجتمعان لأحد»فأين قوله عزّ و جلّ: «أَمْ يَحْسُدُونَ النّٰاسَ عَلىٰ مٰا آتٰاهُمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنٰا آلَ إِبْرٰاهِيمَ الْكِتٰابَ