و يطعنون على القرآن،قال ابن أبي العوجاء:«تعالوا ننقض كلّ واحد منّا ربع القرآن و ميعادنا من قابل في هذا الموضع نجتمع فيه و قد نقضنا القرآن كلّه،و أنّ في نقض القرآن إبطال نبوّة محمّد و في إبطال نبوّته إبطال الإسلام و إثبات ما نحن فيه»فاتّفقوا على ذلك و افترقوا على ذلك،فلمّا كان من قابل اجتمعوا عند بيت اللّه الحرام،فقال ابن أبي العوجاء:أمّا أنا فمتفكّر منذ افترقنا في هذه الآية: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا فما أقدر أن أضمّ إليها في فصاحتها و جمع معانيها فشغلتني هذه الآية عن التفكّر في ما سواها.فقال عبد الملك:أنا متفكّر في هذه الآية: يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبٰاباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبٰابُ شَيْئاً لاٰ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ،ضَعُفَ الطّٰالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ فلم أقدر على الإتيان بمثلها.فقال أبو شاكر:و أنا منذ فارقتكم متفكّر في هذه الآية: لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلاَّ اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا لم أقدر على الإتيان بمثلها.فقال ابن المقفّع:يا قوم أنّ هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر و أنا منذ فارقتكم مفكّر في هذه الآية: وَ قِيلَ يٰا أَرْضُ ابْلَعِي مٰاءَكِ وَ يٰا سَمٰاءُ أَقْلِعِي... الآية لم أبلغ غاية معرفتها و لم أقدر على الإتيان بمثلها.
قال هشام:فبيناهم في ذلك إذ مرّ بهم جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام فقال: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هٰذَا الْقُرْآنِ لاٰ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كٰانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً فنظر بعضهم إلى بعض و قالوا:«لئن كان للإسلام حقيقة لما انتهت وصيّة محمّد إلاّ إلى هذا،و اللّه ما رأيناه قطّ إلاّ هبناه و اقشعرّت جلودنا لهيبته»ثمّ تفرّقوا مقرّين بالعجز [1].