نام کتاب : مغنى اللبيب نویسنده : ابن هشام الأنصاري جلد : 2 صفحه : 17
بعد أن لم يكونوا كيف يمتنع عليه إحياؤهم بعد موتهم؟ وهو معنى قوله تعالى :
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ
النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) أى فهلا تذكرون فتعلمون أنّه من أنشأ شيئا بعد أن لم
يكن قادر على إعادته بعد عدمه؟ انتهى. وقال آخر مثل ذلك ، إلا أنه فسر الحين بزمن
التصوير فى الرحم ، فقال : المعنى ألم يأت على الناس حين من الدهر كانوا فيه نطفا
ثم علقا ثم مضغا إلى أن صاروا شيئا مذكورا. وكذا قال الزّجاج ، إلا أنه حمل
الإنسان على آدم عليه الصلاة والسّلام ، فقال : المعنى ألم يأت على الانسان حين من
الدهر كان فيه ترابا وطينا إلى أن نفخ فيه الروح؟ اه. وقال بعضهم : لا تكون هل
للاستفهام التقريرى ، وإنما ذلك من خصائص الهمزة ، وليس كما قال ، وذكر جماعة من
النحويين أن هل تكون بمنزلة إنّ فى إفادة التوكيد والتحقيق ، وحملوا على ذلك (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) وقدّروه جوابا للقسم ، وهو بعيد.
والدليل الثانى
: قول سيبويه الذى شافه العرب وفهم مقاصدهم ، وقد مضى أن سيبويه لم يقل ذلك.
والثالث : دخول
الهمزة عليها فى البيت ، والحرف لا يدخل على مثله فى المعنى ، وقد رأيت عن
السيرافى أن الرواية الصحيحة «أم هل» وأم هذه منقطعة بمعنى بل ؛ فلا دليل ،
وبتقدير ثبوت تلك الرواية فالبيت شاذّ ؛ فيمكن تخريجه على أنه من الجمع بين حرفين
لمعنى [١] واحد على سبيل التوكيد ، كقوله :
*ولا للما بهم أبدا دواء* [٢٩٩]
بل الذى فى ذلك
البيت أسهل ؛ لاختلاف اللفظين ، وكون أحدهما على حرفين فهو كقوله :