قال : (أين بيتك أزرك) فكأنه قال : (إن أعلم مكان بيتك أزرك).
هكذا كان تفسير
الخليل الذي وافقه سيبويه في تفسيره بناء على رأي أستاذه ؛ فالجزم بتقدير (إن) مع
الأمر والنهي ؛ والاستفهام والعرض والتمني ولعل ذلك كان سببا من أسباب جعل (إن) أم
الباب.
وفي كتاب (الجمل)
[١] أشار الخليل إلى الجزم في جواب الطلب ، وجاء بالآيات والأمثلة الواردة في
كتاب (سيبويه) ، وأشار أيضا إلى جواز الرفع في جواب ما مضى ، كما فعل في الكتاب
تفصيلا غير أنه يفسرّ سبب الجزم ، فقد أشار إلى انجزام الأفعال الواقعة جوابا ،
ويبدو أنه لم يكن في حاجة إلى تفسير ذلك حيث كان كتاب (الجمل) مجملا لحالات نحوية
خاصة بالإعراب دون اللجوء إلى ذكر تعليلات فيه ، وربما كان حريصا على تبويبه وعدم
الإغراق في ذكر تعليلات أو تفصيلات. ولعل ذلك هو المراد عند ما قال في المنظومة [٢] :
والرفع في (الإثنين)
بالألف التي
بينتها لك في
الكتاب مبوّب
٦ ـ التعجب
يتناول الخليل
هذا الدرس النحوي تحت عنوان : (باب التعجب) ، وهو المدح والذم قائلا [٣] :
فإذا ذممت أو
امتدحت فنصبه
أولى ، وذلك
ـ إن قطعت ـ تعجب
ما أزين
العقل الصحيح لأهله
وأخوك منه ذو
الجهالة يغضب
لا يمكن القول
بأن العنوان وضع خطأ ، وذلك بسبب ذكره أن التعجب هو المدح والذم ، فالأبيات التي
تندرج تحت هذا العنوان لا تعطي فرصة لهذا التخيّل ، والسؤال الذي يطرح نفسه أمامنا
الآن هو : هل للمدح والذم علاقة بالتعجب؟ أو هل التعجب من شيء ما يمكن أن يعطي
مدحا له أو ذما؟