«حتى» : لا
تقتضي الترتيب ، بل مطلق الجمع ، كالواو. ويشهد لذلك قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (كلّ شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) [٢] وليس في القضاء ترتيب ، وإنما الترتيب في ظهور
المقتضيات.
وفي «شرح صحيح
مسلم» للنووي ١٦ : ٢٠٥ : «فقوله عليهالسلام : حتى العجز والكيس» قال القاضي : [٣] رويناه برفع العجز والكيس عطفا على «كل» وبجرهما عطفا
على «شيء» ، قال : ويحتمل أن العجز هنا على ظاهره ، وهو عدم القدرة. وقيل : هو ترك
ما يجب فعله والتسويف به ، وتأخيره عن وقته.
قال : ويحتمل
العجز عن الطاعات ، ويحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة.
والكيس : ضد
العجز ، وهو النشاط والحذق بالأمور ، ومعناه : أن العاجز قد قدر عجزه. والكيس قد
قدر كيسه.
[٢] أخرجه «مسلم» في «صحيحه»
في (كتاب القدر ـ باب كل شيء بقدر) ٨ : ٥١ عن «عبد الله ابن عمر».
[٣] هو أبو الفضل عياض
بن موسى ، سبتي الدار والميلاد ، أندلسي الأصل. كان إمام وقته في الحديث وعلومه ،
وبالتفسير وعلومه ، وبالنحو واللغة ، وهو من أهل التفنن في العلم واليقظة والفهم.
وكان شاعرا مجيدا ، خطيبا بليغا ، صبورا حليما ، جميل العشرة ، جوادا ، سمحا ،
كثير الصدقة ، دؤوبا على العمل ، صلبا في الحق. أخذ العلم عن علماء قرطبة. له
التصانيف المفيدة ، منها : «إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم» و «مشارق الأنوار» في
تفسير غريب حديث الموطأ والبخاري ومسلم ، وضبط الألفاظ ، والتنبيه على مواضع
الأوهام والتصحيفات ، وضبط أسماء الرجال. وهو كتاب لو كتب بالذهب ، أو وزن بالجوهر
لكان قليلا في حقه. وفيه أنشد بعضهم :
مشارق أنوار تبدّت بسبتة
ومن عجب كون المشارق بالغرب
وكتاب «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» ـ صلىاللهعليهوسلم
ـ أبدع فيه كل الإبداع ، وسلّم له أكفاؤه كفاءته فيه ، ولم ينازعه أحد في الانفراد
فيه ، ولا أنكروا مزية السبق إليه ، بل تشوفوا للوقوف عليه ، وأنصفوا في الاستفادة
منه ، وحمله الناس عنه ، وطارت نسخه شرقا وغربا. توفي بمراكش سنة ٥٤٤ ه. «الديباج
المذهب» ١٦٨.
نام کتاب : الحديث النبوي في النحو العربي نویسنده : محمود فجال جلد : 1 صفحه : 257