السقاء». أي اعطفه ، فلم
أدرِ كيف أفعل ، فقام (عليه السّلام) بنفسه فخنثه ، فشربت وارتويت وسقيت فرسي. قالوا
: وكان مجيء الحرّ بن يزيد من القادسية ، وقد كان عبيد الله بن زياد بعث الحصين بن
نمير وأمره أن ينزل القادسية ، وتقدّم الحرّ بين يديه في ألف فارس يستقبل بهم
الحسين (عليه السّلام). قال الراوي : فلمّا شرب الحرّ الماء ومَنْ معه ، وتغمرت [١]
خيلهم ، جلسوا جميعاً في ظلّ خيولهم وأعنّتها في أيديهم حتّى حضرت صلاة الظهر.
صلّى الحسينُ الظهرَ فأتمّ بهِ
الجيشانِ والحرُّ بمولاه اقتدى
قال أرباب التاريخ : ولمّا حضرت صلاة
الظهر أمر الحسين (عليه السّلام) الحجاج بن مسروف الجعفي أن يؤذن فأذن ، فلمّا
حضرت الإقامة خرج الحسين (عليه السّلام) من خبائه في إزار ونعلين ، فحمد الله
وأثنى عليه ، ثمّ قال [٢]
: «إنّه قد نزل من الأمر ما قد ترون ، وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت ، وأدبر
معروفها ، فلم يبقَ منها إلاّ صبابة كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل.
ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به ، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في
لقاء الله محقّاً ، فإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برماً».
قال : فقام زهير بن القين البجلي [٣]
فقال لأصحابه : تتكلّمون أم أتكلم؟ قالوا : بل تكلّم. فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ
قال : قد سمعنا هداك الله يابن رسول الله مقالتك ، والله لو كانت ٧لدنيا لنا
باقية ، وكنّا فيها مخلّدين إلاّ أنّ فراقها في نصرتك ومواساتك لآثرنا الخروج معك
على الإقامة فيها. قال : فدعا الحسين (عليه السّلام) [له]. ثمّ التفت إلى أصحاب
الحرّ ، وقال : «أيها الناس ، إنّي لم آتيكم حتّى أتتني كتبكم ، وقدمت على رسلكم
أن أقدم علينا ؛ فإنّه ليس لنا إمام غيرك لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى