وأمّا الروايات
، فلا تعارض تلك الأدلّة في القنوت الأوّل ، بل تؤكّدها فيه.
وأمّا المعارضة
بالنسبة إلى القنوت الآخر فمرفوعة بكون المدار في أمثال ذلك الجمع بين الكلّ
بالحمل على تفاوت مرتبة الاستحباب ، ودلالة هذا بالنسبة إلى نفي استحباب القنوت في
الثانية مطلقا ، ظاهرة غير خالية من وهن ما ، بخلاف دلالة المعارض ، فإنّها صريحة في
إثبات مطلوبيّة ما في القنوت الآخر ، مضافا إلى مخالفته لمذهب العامّة قطعا ،
وللمداراة مع العوام جزما على حسب ما عرفت.
والظاهر لا
يعارض الصريح فيما لا يسامح فيه من الأحكام ، فضلا عمّا يسامح فيه ، وخصوصا
بالحيثيّة التي ذكرت ، وسيّما بملاحظة الشهرة العظيمة ، ووهن ما في الظاهر ، من
جهة عدم مطلوبيّة القنوت في سائر الصلوات ، في الركعة الاولى أصلا ، فربّما كان
المطلوب إثبات المطلوبيّة فيها في الجمعة ، لا نفيها رأسا أيضا من غيرها ، وإن كان
لها ظهور فيه أيضا ، ولذا حمل ما ورد في غير واحد من المعتبرة ، ممّا دلّ على نفي
القنوت رأسا على عدم وجوبه ـ مع صراحته في النفي ـ وكون القنوت من أكيد المستحبّات
[١] حتّى ورد فيه ما ورد.
وأين هذا من
ظهور في مقام استحباب ما ، فتأمّل!
ثمّ اعلم! أنّه
قال بعض الفقهاء : إنّ في الوتر أيضا قنوتين ، أحدهما قبل الركوع ، والآخر بعده [٢] ، لما ورد من
أنّ أبا الحسن عليهالسلام كان إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال : هذا مقام من
حسناته نعمة وشكره ضعيف ، وذنبه عظيم ، وليس لذلك إلّا رفقك ورحمتك ، فإنّك قلت في
كتابك المنزل على لسان نبيّك المرسل (كانُوا قَلِيلاً مِنَ
اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ. وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[٣] ، طال
[١]لاحظ! وسائل
الشيعة : ٦ / ٢٦٤ الباب ٢ ، ٢٧٠ الباب ٥ من أبواب القنوت.