وأمّا رواية
أبي بصير ، فمن لا يقول بحجّية مثلها ـ مثل صاحب «المدارك» وغيره [١] ـ من جهة
حسنها ، لا يجوز له التمسّك بها. وكذا من اشتراك أبي بصير ، إذ الحسن خال عن عدالة
جميع الطبقة التي شرط في العمل بخبر الواحد عنده ، وكذلك اشتراك أبي بصير.
وأمّا من يقول
بحجيّة مثلها ، فيرد عليه : أنّ قوله عليهالسلام : «لا بأس بخرئه وبوله». أنّ المراد لا بأس بالصلاة في
خرئه وبوله ، فلا شكّ في فساد دعوى شمولها لما لا يؤكل لحمه ، لما سيجيء في كتاب
الصلاة ، من منع الشيعة عن الصلاة في كلّ شيء حرام أكله في بوله وروثه وغيره ،
كما تضمّنت الموثّقة السابقة.
وإن كان المراد
غير الصلاة معها ، فمع كونه خلاف ظاهر الرواية ، لتضمّنها نفي البأس بالمرّة ،
ومعظمه الصلاة معها ، نمنع دلالتها على الطهارة ، لأنّ الاستدلال بالطهارة بناء
على الانصراف إلى الصلاة خاصّة أو الصلاة ونحوها.
فعلى هذا تكون
هذه الرواية موافقة لمذهب العامّة ، ومحمولة على التقيّة ، لما ورد من الأخبار
الكثيرة التي لا تحصى ، من الأمر بترك ما وافق العامّة.
وبالجملة ،
التعارض بين هذه الرواية ورواية عبد الله بن سنان ، تعارض عموم من وجه لا المطلق ،
وإن كان هذا العموم أقوى.
فعلى هذا نقول
: يجوز أن يصير كلّ منهما مخصّصا للآخر ، موجبا لحمله على خلاف ظاهره.
لكن رواية ابن
سنان عمل بها كلّ الفقهاء ، ومطابقة لمذهب الشيعة ، ومعتضدة بما عرفت من المرجّحات
والمؤيّدات ، سيّما الإجماعات ، وموثّقة ابن بكير ، وما نقلنا عن كتاب المطاعم مع
معتضداته.