ومن هذا ظهر
ظهورا تامّا أنّ مستند هذا الحكم ليس منحصرا في هذه الروايات الثلاث ، كما ذكرنا
سابقا.
بل يظهر أنّ في
مثل زمان ابن الجنيد ، كان غير هذه الروايات من المستندات الاخر أعرف وأشهر. ولهذا
تمسّك بها ابن الجنيد ، وأعرض عن هذه الروايات بالمرّة ، ولم يعتن بها أصلا ، كما
أنّ الكليني رحمهالله أيضا أعرض عنها ، ولم يشر إليها بالمرّة.
ولم يقدح ذلك
فيما ادّعاه صاحب «المدارك» وغيره من اتّفاق الأصحاب على الحكم المذكور [١] ، ولم يقدحه
أيضا ما نقل عن ابن الجنيد ، إذ عرفت أنّه مبني على أصله من أنّ القاطع وما يجعل
في حكم الحاضر شرعا هو الخمسة لا غير.
وصرّح [الشيخ]
مفلح بأنّ ما قاله ابن الجنيد هنا مبني على أصله ، فجعل الخمسة في غير بلده ما
يكون مع النيّة [٢] ، والخمسة في بلده أعمّ من أن يكون مع النيّة أولا.
فظهر أنّ
الانقطاع بالقاطع لا تأمّل لأحد منهم ، إنّما نزاعهم في خصوص القاطع ، وأنّه ما هو؟
ولمّا كان المشهور والظاهر من الأخبار هو العشرة لا الخمسة ، نسب المشهور ذلك إلى
العشرة ، ولمّا كان الظاهر عند ابن الجنيد هو الخمسة ، نسبه إلى الخمسة.
فظهر اعتضاد
هذه الروايات بغيرها من الروايات المتضمّنة لكون قصد إقامة العشرة موجبا للإتمام
وجاعلا المسافر بمنزلة الحاضر ، وهي من الكثرة والصحّة والاعتبار ـ سيّما بفتاوى
الأخيار ـ بمكان.