بأنّها عند الشارع كذا ، فمتعلّق الإجماع أمر حسّي ، وإن كان المجمع عليه
ليس أمرا حسيّا.
وكذا حال
مقلّدي مجتهد في المسألة الشرعيّة ، وإن كانوا أقلّ من عشر من معشار الشيعة ، وكذا
تبعة مقنّن قانون.
وأيضا كلّ
مسألة شرعيّة في نفسها تحتمل احتمالات ، وبعد ما رأينا فقيها صالحا متّقيا عادلا
متقنا عارفا ورعا مطّلعا ماهرا مقدّسا أفتى فيها ، يترجّح في النظر ما أفتى به ،
وليس وجود فتواه كعدمه على السواء قطعا ، وإنكار ذلك بهت ومكابرة ولجاج واعوجاج
وعناد ولداد ، إذ ليس بأدون من نحوي في النحو ، وكذا من صرفيّ في الصرف ، وطبيب في
الطبّ ، وصرّاف في الصرافة ، وكذا أهل سائر الصناعات والخبرة ، إذ يحصل من قولهم
ظنّ ، وإن كانوا كفّارا أو فجّارا ، فضلا أن يكونوا صلحاء ، فضلا أن يكونوا عدولا
، فضلا أن يكونوا أرباب القوّة القدسيّة ، والكمالات النفسيّة ، والزهد والتقوى ،
واولي الذكاء والنهى ، كما هو حال الفقهاء ، بل حالهم أعلى ممّا ذكر بمراتب شتّى.
ثمّ إذا رأينا
فقيها آخر يوافق الأوّل ، يحصل من فتواه ظنّ آخر ومن توافقهما ظنّ آخر ، وهكذا
كلّما زاد فقيه في الفتوى يحصل منه ظنّ آخر ، ومن التوافق به ظنّ آخر ، ومن توافق
المتوافقين ظنّ آخر ، وهكذا إلى أن يصل إلى العلم.
فإنّ كثرة
الظنونات وكثرة التوافق يقتضي العلم عادة ، بل إذا اتّفق صيارفة كثيرة من أهل سوق
على كون درهم معيّن زيوفا يحصل العلم بأنّه زيوف ، سيّما إذا كانت كثرة وافرة ، مع
عدم ثبوت عدالتهم ، بل وثبوت العدم.
فما ظنّك
باتّفاق فقهاء الشيعة؟ مع اتّصافهم بما أشرنا فيه ، بل أشرنا إلى عظم شأنهم في
الجملة في الحاشية السابقة المكتوبة على قوله : (كما هو الظاهر من تلك). إلى آخره
، مضافا إلى ما اشير إليه في هذه الحاشية آنفا ، فلاحظ وتأمّل إنّه