في اخريات حياة
الإمام الصادق عليهالسلام انتقلت مدرسة الفقه الشيعي من المدينة إلى الكوفة حيث
كانت حينذاك مركزا علميا وتجاريا وسياسيا معروفا في العالم الإسلامي يقصده طلّاب
العلم والمال والسياسة.
إنّ وفود جملة
من الصحابة والتابعين إلى الكوفة من جهة ووفود مختلف العناصر الطالبة للعلم أو
التجارة من أطراف العالم الإسلامي من جهة أخرى كان له الأثر البالغ في التلاقح
العقلي والذهني الذي أدّى بدوره إلى صيرورة الكوفة منطلقا للحركة العقلية ومصدرا
للإشعاع الفكري والفقهي الشيعيّين بالرغم من أنّ الكوفة لم تبق مقاما ومستقرّا
للأئمة عليهمالسلام إلى حين الغيبة الكبرى ، وبالرغم من أنّ كلّ فقهاء
الشيعة لم يتمركزوا في الكوفة إلى ذلك الحين [١].
وانتقلت حركة
التدريس والتأليف إلى مدينتي قم والريّ في بداية عصر الغيبة الكبرى بسبب المعاملة
القاسية التي كان يلاقيها فقهاء الشيعة وعلماؤهم من العباسيين ، وقد وجدوا في
هاتين البلدتين ركنا آمنا يطمئنّون إليه لنشر فقه أهل البيت عليهمالسلام وحديثهم.
وعرف آل بويه
في التأريخ بنزعتهم الشيعية وولائهم لأهل البيت عليهمالسلام
[١] تأريخ فقه أهل
البيت عليهمالسلام
، محمد مهدي الآصفي ، مدرسة الكوفة : ١٦ ـ ١٩ ، من مقدمة رياض المسائل.