عل صروف الدهر أو
دولاتها * تديلنا اللمة من لماتها فتستريح النفس من زفراتها أي لعل صروف الدهر.
وقال الآخر : يا أبتا علك أو عساكا * يسقيني الماء الذي سقاكا فإن قيل : فأي فايدة
في ان يستفهم عن امر يعلم استحالته ، وأي فرق في المعنى بين القراءتين؟. قلنا : لم
يستفهم ولا شك في الحقيقة ، وإنما نبههم بهذا القول على خطيئتهم في عبادة الاصنام.
فكأنه قال لهم إن كانت هذه الاصنام تضر وتنفع وتعطي وتمنع ، فلعلها هي الفاعلة
لذلك التكسير ، لان من جاز منه ضرب من الافعال جاز منه ضرب آخر ، وإذا كان ذلك
الفعل الذي هو التكسير لا يجوز على الاصنام عند القوم ، فما هو أعظم منه أولى بأن
لا يجوز عليها وان لا يضاف إليها ، والفرق بين القراءتين ظاهر ، لان القراءة
الاولى لها ظاهر الخبر ، فاحتجنا إلى تعليقه بالشرط ليخرج من ان يكون كذبا.
والقراءة الثانية تتضمن حرف الشك والاستفهام ، فهما مختلفان على ما ترى. فإن قيل :
اليس قد روى بشر بن مفضل عن عوف عن الحسن قال : «بلغني ان رسول الله صلى الله عليه
وآله قال ان ابراهيم عليه السلام ما كذب متعمدا قط إلا ثلاث مرات كلهن يجادل بهن
عن دينه قوله اني سقيم ، وإنما تمارض عليهم لان القوم خرجوا من قريتهم لعيدهم
وتخلف هو ليفعل بآلهتهم ما فعل. وقوله بل فعله كبيرهم ، وقوله لسارة انها اختي
لجبار من الجبابرة لما أراد اخذها». قلنا : قد بينا بالادلة العقلية التي لا يجوز
فيها الاحتمال ولا خلاف الظاهر ، ان الانبياء عليهم السلام لا يجوز عليهم الكذب.
فما ورد بخلاف ذلك من الاخبار لا يلتفت إليه ، ويقطع على كذبه إن كان لا يحتمل
تأويلا صحيحا لا يقا بأدلة العقل ، فإن احتمل تأويلا يطابقها تأولناه ووفقنا بينه
وبينها. وهكذا نفعل فيما يروى من الاخبار التي تتضمن ظواهرها الجبر والتشبيه. فأما
قوله (ع) إني