وحاشا مثلك أن يرتاب
في عموم اسم الجنس المضاف وشموله لجميع مصاديقه ، فلو قلت : منحتكم انصافي مثلا ،
أيكون انصافك هذا خاصا ببعض الامور دون بعض ، أم عاما شاملا لجميع مصاديقه؟ معاذ
الله أن تراه غير عام ، أو يتبادر منه إلا الاستغراق ، ولو قال خليفة المسلمين
لاحد أوليائه : جعلت لك ولايتي على الناس ، أو منزلتي منهم ، أو منصبي فيهم، أو
ملكي ؛ فهل يتبادر إلى الذهن غير العموم؟ وهل يكون مدعي التخصيص ببعض الشؤون دون
بعض ، إلا مخالفا مجازفا؟ ولو قال لاحد وزرائه : لك في أيامي منزلة عمر في أيام
أبي بكر إلا انك لست بصحابي ، أكان هذا بنظر العرف خاصا ببعض المنازل أم عاما؟ ما
أراك والله تراه إلا عاما ، ولا أرتاب في أنك قائل بعموم المنزلة في قوله صلى الله
عليه وآله وسلم : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » ، قياسا على نظائره في العرف
واللغة ، ولا سيما بعد استثناء النبوة فانه يجعله نصا في العموم ، والعرب ببابك ،
فسلها عن ذلك.
٢ ـ أما قول الخصم بأن الحديث خاص
بمورده فمردود من وجهين.
الوجه
الاول : ان الحديث في نفسه عام كما علمت ،
فمورده ـ لو سلمنا كونه خاصا ـ لا يخرجه عن العموم ، لان المورد لا يخصص الوارد
كما هو مقرر في محله ؛ ألا ترى لو رأيت الجنب يمس آية الكرسي مثلا ، فقلت له : لا
يمسن آيات القرآن محدث ؛ أيكون هذا خاصا بمورده ، أم عاما شاملا لجميع آيات القرآن
ولكل محدث؟ ما أظن أحدا يفهم كونه خاصا بمس الجنب بخصوصه لآية الكرسي بالخصوص ،
ولو رأى الطبيب مريضا يأكل التمر ، فنهاه عن أكل الحلو ، أيكون في نظر العرف خاصا
بمورده ، أم عاما