نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 92
ويعرى من لباسه
فيسقط تترى ، وينبت تباعا ، فينحتّ من قصبه انحتات أوراق الأغصان [١] ثمّ يتلاحق ناميا حتّى يعود كهيئته قبل
سقوطه : لا يخالف سالف ألوانه ، ولا يقع لون فى غير مكانه. وإذا تصفّحت شعرة من
شعرات قصبه أرتك حمرة ورديّة ، وتارة خضرة زبرجديّة ، وأحيانا صفرة عسجديّة [٢] فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن [٣] أو تبلغه قرائح العقول ، أو تستنظم
وصفه أقوال الواصفين وأقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه ، والألسنة أن تصفه؟!
فسبحان الّذى بهر العقول [٤] عن وصف خلق جلاّة
للعيون فأدركته محدودا مكوّنا ، ومؤلّفا ملوّنا ، وأعجز الألسن عن تلخيص صفته وقعد
بها عن تأدية نعته. وسبحان من أدمج قوائم الذّرّة [٥] والهمجة
إلى ما فوقها من خلق الحيتان والفيلة ، ووأى على نفسه
«تترى» للمواصلة
والالتصاق. وأصل «تترى» وترى بالواو من الوتر ، ومن الناس من يجعل ألفه للتأنيث
فلا ينون ، ومنهم من يجعل الألف للالحاق فينون وقوله «تباعا» أى : لا فترات بينهما
، وكذلك حال الريش الساقط : يسقط شيئا بعد شىء وينبت جميعا