نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 193
١٩٠ ـ ومن خطبة له عليه
السّلام
الحمد للّه الّذى أظهر من آثار سلطانه ،
وجلال كبريائه ، ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته [١] ، وردع خطرات هماهم النّفوس عن عرفان
كنه صفته [٢].
وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه شهادة إيمان
وإيقان ، وإخلاص وإذعان. وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله أرسله وأعلام الهدى دارسة ،
ومناهج الدّين طامسة [٣]
، فصدع بالحقّ ، ونصح للخلق ، وهدى إلى الرّشد ، وأمر بالقصد ، صلّى اللّه عليه وآله
[وسلم].
واعلموا ، عباد اللّه ، أنّه لم يخلقكم
عبثا ، ولم يرسلكم هملا. علم مبلغ نعمه عليكم ، وأحصى إحسانه إليكم ، فاستفتحوه ،
واستنجحوه [٤] ، واطلبوا إليه واستمنحوه
، فما قطعكم عنه حجاب ، ولا أغلق عنكم دونه باب ، وإنّه لبكلّ مكان ، وفى كلّ حين
وأوان ، ومع كلّ إنس وجانّ ، لا يثلمه العطاء [٥]
،
[١] المقل ـ بضم
ففتح ـ : جمع مقلة ، وهى شحمة العين التى تجمع البياض والسواد.
[٣] من «طمس» ـ بفتحات
ـ أى : انمحى واندرس ، و «صدع» أى : شق بناء الباطل بصدمة الحق. والقصد : الاعتدال
فى كل شىء
[٤] استفتحوه : اسالوه
الفتح على أعدائكم ، واستنجحوه : اسألوه النجاح فى أعمالكم واستمنحوه : التمسوا
منه العطاء
[٥] ثلم السيف ـ كضرب ـ كسر
جانبه ، مجاز عن عدم انتقاص خزائنه بالعطاء. والحباء «١٣ ـ ن ـ ج ـ ٢» ـ ككتاب ـ :
العطية لا مكافأة عليها. واستنفده : جعله نافد المال لا شىء عنده. واستقصاه : أتى
على آخر ما عنده ، واللّه سبحانه لا نهاية لما لديه من المواهب ، و «لا يلويه» أى
: لا يميله ، وتولهه : تذهله ، ويجنه : مضارع أجنه ، ويقال جنه يجنه ـ كيظنه ـ ومعناه
يستره ، وكأنه يريد رضى اللّه عنه أن صور الموجودات حجاب بين الوهم وسبحات وجهه وعلو
ذاته مانع للعقل عن اكتناهه ، فهو بهذا باطن ، ومع ذلك فالأشياء بذاتها لا وجود
لها ، وإنما وجودها نسبتها إليه. فالوجود الحقيقى البرىء من شوائب العدم وجوده ، فالموجودات
أشعة ضياء لوجود الحق ، فهو الظاهر على كل شىء ، وبهذا تتبين الأوصاف الآتية
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 193